أحمد عطا

لم ينتظر ريال مدريد حتى نهاية الموسم ليختار مدرباً بديلاً لسانتياجو سولاري، بل أخيراً استمع المدريديون إلى خبرٍ جيد عن فريقهم بعد أسبوعين عصيبين على البيت المدريدي، وذلك بعد أن أعلن نادي العاصمة الإسبانية عن تعاقده مع مدربه الأسبق زين الدين زيدان ليعود من جديد لتدريب الريال.



الأخبار في البداية كانت تشير إلى إمكانية تعاقد ريال مدريد مع جوزيه مورينيو لرفض زيدان تولي تدريب الفريق إلا مع نهاية الموسم، لكن يبدو وأن فلورنتينو بيريز تمكن من إقناع زيدان بضرورة تولي القيادة الفنية للفريق من الآن ربما ليقف بنفسه على مستوى اللاعبين ويقرر من يبقى ومن يرحل في عملية غربلة للفريق في الصيف يُتوقع أن تكون الأضخم لريال مدريد منذ صيف 2009.

زيدان مدرب اجتمع عليه المدريديون، وبرأيي أنه كان الرجل المناسب لتدريب الفريق من جديد لكن هل هو حل للمشاكل التي عانى منها ريال مدريد؟ علماً بأنه سيعود لفريق لا يمتلك كريستيانو رونالدو هذه المرة كما كان الحال في حملته التدريبية الأولى؟

للإجابة على هذا السؤال علينا أن نعود بالذاكرة إلى آخر مواسم زيدان مع ريال مدريد موسم 2017/2018 وهو الذي انتهى بتتويج ريال مدريد بطلاً لأوروبا ليحقق الفريق لقبه الثالث في ثلاث سنوات في إنجاز لم يحدث منذ سبعينيات القرن الماضي عندما حققها أياكس ثم بايرن ميونيخ توالياً في الأعوام من 1971 إلى 1976.

ريال مدريد كان قد خرج من موسم 2016/2017 وقد حقق لقب الليغا ودوري الأبطال مقدمًا عروض رائعة لكنه اصطدم ببداية غاية في السوء في الليغا كانت سبباً رئيسيًا في خسارته لها بعدما عاش نصف موسم يتخبط الفريق في وجود زيدان وفي وجود كريستيانو رونالدو.

لم يجد الريال نفس القدرة على اختراق دفاعات الخصوم الذين كانوا قد بدأوا في تشرّب تكتيك زيزو الذي يعتمد على تدوير الكرة بسرعة كافية لإيجاد مساحة للظهيرين كارباخال ومارسيلو للتواجد في مناطق قريبة جدًا من منطقة الجزاء لإرسال عرضيات دقيقة بما يكفي على رأس كريستيانو رونالدو تحديداً ومن بعده جاريث بيل وكريم بنزيما.

كانت إحدى أهم مشاكل زيدان في هذا الموسم أنه كان يثق ثقة عمياء في لاعبيه الأساسيين الذين لم يتمكنوا من تقديم نفس الأداء المبهر الذي قدموه في الموسم السابق لكن المدرب الفرنسي أبقى على أغلبهم ولم يعبث أبداً بالتشكيلة ولم يفرض نوعًا من التنافسية فيها، بل علا الصدأ كلاً من داني سيبايوس وماركوس يورنتي واختصصت بالذكر هذين اللاعبين لأنهما تمكنا من تقديم أداء جيد هذا الموسم وانتزعا المركز الأساسي في بعض الأحيان من توني كروس وكاسيميرو، بينما كان لزيدان الحق في عدم الاعتماد بشكل كبير على لاعبين من عينة ثيو هيرنانديز الذي لم يقدم شيئاً كبيراً حتى مع فريقه الحالي ريال سوسييداد.

لكن زيدان أظهر في النصف الثاني من الموسم مرونة تكتيكية واضحة عندما تحول كثيرًا لطريقة 4/4/2 وأعطى الثقة للوكاس فاسكيث وماركو أسينسيو ليصيروا جناحي الفريق مانحين فرصة أكبر لكريستيانو رونالدو للتألق والتقاط العرضيات وإيجاد المساحات اللازمة للتسجيل والانفجار مع بداية عام 2018.

ومع تكرار اسم كريستيانو رونالدو في أغلب النقاط الإيجابية خلال هذا المقال فإن السؤال يفرض نفسه .. هل يستطيع زيدان النجاح دون رونالدو؟ وهل يتأكد اسمه كمدرب دون الرجل الذي انتزع لفريقه الحالي يوفنتوس فوزًا يصعب تكراره على دفاع حديدي كدفاع أتلتيكو مدريد؟

بداية إثبات أن نجاح زيدان ممكن من دون كريستيانو رونالدو يبدأ بالاقتناع التام أن وجود زيدان لن يحل كل شيء .. معادلتان تسيران على نفس الخط، فكريستيانو رونالدو لن يحل كل شيء وزيدان كذلك لن يحل كل شيء.

فريال مدريد مبدئياً يحتاج إلى الدخول بقوة إلى سوق الانتقالات، وبحسب الميزانية ينبغي على الفريق وضع الأولويات. أولويات ريال مدريد قبل كل شيء هي جلب رأس حربة جديد يمكن للفريق الاعتماد عليه دون قلق بشأن وصوله للهدف الـ20 على الأقل في كل موسم من الليغا.

تأتي الأولوية الثانية هي في مركز قلب الدفاع، فلا يُعقل أن يعتمد نادٍ بحجم ريال مدريد على مدافعين فقط بشكل أساسي طوال الوقت وهو يقاتل على كافة المستويات.

بعد ذلك تأتي ضرورة رفع جودة خط الوسط بلاعب إضافي بالإضافة إلى جلب جناح واحد جديد على الأقل، وفي ظل الأسعار المجنونة التي يتصف بها السوق حاليًا فإن الريال لن يجد أفضل من خياري كريستيان إريكسن وإدين هازارد لشغل هذين المركزين مع تبقي عامٍ واحد فقط عقديهما مع توتنهام وتشيلسي ما يسمح بجلبهما بسعر لا يتناسب مع قدراتهما الممتازة، أما مركز رأس الحربة فسيعاني ريال مدريد الأمرّين لإقناع أحد الأندية بالتخلي عن مهاجمها الرئيسي بالإضافة إلى المبلغ الباهظ الذي سيتكلفه الفريق لتأمين هذه الصفقة المهمة.

من دون تلك الصفقات على الأٌقل لا يمكن لزين الدين زيدان أن يكرر تجربته الناجحة مع ريال مدريد، فتكتيك زيزو الرئيسي كان يعتمد على رونالدو بشكل واضح للتسجيل من الكرات العرضية، بينما قد يكون التكتيك البديل -الذي يتمثل في اللعب بطريقة 4/4/2 دياموند بالدفع بإيسكو- عرضة للفشل في ظل المستوى الحالي المتراجع لأغلب عناصر خط وسط ريال مدريد وتقدم سن لوكا مودريتش وعدم قدرته على الأداء بنفس القوة على طول الخط.

لذلك الإجابة على سؤال المقال الرئيسي حول قدرة زيدان على النجاح دون رونالدو هي نعم يستطيع، لكن من دون إصلاح كل التفاصيل الأخرى لا يمكن له أبدًا أن يفعل ذلك حتى إنه دون إصلاح تلك التفاصيل فإنه حتى بدون رونالدو كانت نسبة الفشل أكبر من نسبة النجاح.