أحياناً.. تسعى جاهداً لتحقيق أمر ما، أو منع حدوثه، ولكنك تفاجأ أن الأمور تسير في اتجاه غير الذي تريد، تبذل قصارى جهدك وتخرج في بعض الأحيان بخفي حنين، رغم أنك أحكمت خططك ونفذتها على نحو جيد، وكنت موقناً بأن مسعاك سيؤتي أكله، ولكنه لا يتحقق. في ظروف كهذه بعضنا يفوض أمره لله، وبعضنا يسخط على سوء حظه وتعثر أقداره، ولكن هناك حكمة لما يجري معك.

أحياناً لا ندرك حكمة الأشياء، حكمة حدوثها أو عدم تحققها، ولكن ثمة حكمة إلهية كامنة قد تتجلى يوماً وقد لا تتجلى على الإطلاق، ولكن ثمة حكمة بكل تأكيد. إن مبدأ تفويض الأمر لله يقوم على التسليم بأقداره، وثمة فرق كبير بين التسليم والاستسلام، فالاستسلام أن تقف من العثرة الأولى، أو تتواكل وتركن الأمور بدعوى صعوبتها أو استحالة تحقيقها، غير أن التسليم يقوم على الأخذ بكافة الأسباب وبذلها كلها، ومن ثم الرضا بما قُدّر، مع اليقين أن ثمة حكمة غيرت مجرى الأمور بما يخالف هواك أو توقعاتك، وعندما تتيقن بتلك الحكمة، تتيح لنفسك فرصة البدء من جديد، ربما في طريق أخرى، أو بطريقة أخرى، وربما تضطر أحياناً لتغيير الهدف برمته، ولكن الاستمرار مطلوب على الدوام، والأمل وقود أرواحنا للمضي قدماً في هذه الحياة، فإياك وأن تفقد الأمل لمجرد أن أمراً ما لم يتحقق أو خطباً ما قد وقع من حيث لا تحتسب.

في لحظات ما، تقف لتراجع حياتك، فتحمد الله ألفاً أن ما كنت تتمناه قبل سنوات لم يتحقق، وأنه لو تحقق لما وصلت لما وصلت إليه اليوم، وهكذا الحوادث التي تصدمك وتؤلمك، الأزمات التي توجعك وتحطمك وتفتت قلبك حيناً، ربما هي الضربة التي تقوي ضعفك، وتعينك على المضي بقوة كانت تنقصك من ذي قبل، وربما هي الدرس الذي كنت تحتاجه لتحتاط في تجاربك المقبلة مكوناً خبرات تراكمية متعددة من خيبات وعثرات وانتكاسات مررت بها يوماً.

في بعض الأحيان، تحدث لك ظروف.. كموت عزيز أو فراق حبيب أو تعثر دراسي أو نقل تعسفي في العمل أو تُعامل بسوء من قبل أحدهم، وتسعى للانتصار لنفسك، أو يعتصر قلبك ألماً لما أنت فيه، وتكتشف فيما بعد أن في الأمر خيراً كثيراً لم تكن تعلمه، وأن ما كنت ترفضه بالأمس هو نفسه الأمر الذي حقق لك مكسباً ما أو أتاح لك فرصة البدء من جديد في حياة أفضل وظروف أحسن.

* اختلاج النبض:

إننا فقط بحاجة للتعامل مع الأزمات بوعي أكبر، وبمبدأ تفويض الأمر لله، فقط لنكون سعداء، ولكي لا نعيش التيه في دوامات الصراع النفسي على ما مضى. كن على يقين أن ما هو لك سيأتيك على ضعفك، وأن ما ليس لك لن تناله بقوتك، فلا تُحمل نفسك فوق طاقتها يوماً.