* في ظل تزايد وتيرة الأحداث الحياتية وانشغال الناس بالعمل السياسي، أو تتبع عورات الآخرين وتصيد عثراتهم، والتفنن في صناعة المقاطع المرئية ولهو الناس بما يثار على واجهات الرأي العام.. أصبحنا سجناء هذا التلوث النفسي والحياتي الذي لم يفتح لنا المجال لكي نتنفس هواء المحبة الصافي والاستظلال بأجواء الروحانيات والحياة الاجتماعية النقية. نفتح «الواتساب» فنشترك في مجموعات «التواصل مع الأصحاب والأهل» ثم ما تلبث أن تتحول إلى هذه المجموعات بدلاً من رسائل الحب إلى سيل جارف من المشاركات «السياسية المملة» أو «الأخبار العاجلة المفبركة»، في حين غابت تلك المشاركات الحميمية الرقيقة التي تنهض بالفكر وتوثق حبال المحبة والإخاء مع الآخرين.. وبقصص ومواقف تجدد الإيمان وتنبه الغافلين.. وندرت أخبار الأهل والأحبة والجيران.. فضعفت وشائج التواصل معهم.. في الآونة الأخيرة فكرت ملياً في الطريقة المثلى للتخلص من مثل هذه الضغوطات المملة، ولربما المتعبة في أحيان كثيرة.. فبقيت أمهل نفسي.. لذا لا نلوم البعض عندما يقرر أن لا يثبت «الواتساب» على هاتفه.. نتمنى أن نضغط على زر الإيقاف لكل ما يعكر الصفو.. فعندما نرسل مشاركات فهي بلا شك قد وصلت للمشاركين من مجموعات أخرى.. فلا تفتل عضلاتك لكي يكون لك السبق في إرسال الأخبار أو انتقادات الأوضاع، أو فيديوهات تافهة لا تحصل الوقت الكافي للاطلاع عليها.. أعتقد نحتاج أن نعيد النظر في هذه الوسائل.

* علاقاتنا أضحت جامدة خالية من الأحاسيس.. يكفي أن تكون معي في مجموعة «واتسابية» حتى أحس بك.. ويكفي أن أراك في مناسبات اجتماعية معينة عن طريق «الصدفة».. ويكفي أن تعيش في قلبي وأدعو لك بالخير.. نعم.. في نهاية المطاف سيعيش الجميع في قلوبنا المحبة للخير.. ندعو لهم بالخير ونسأل لهم التوفيق والسداد.. صعبة أن نسترجع ذكريات الماضي وأيام «لول» وأيام الطفولة والفرجان والتجمعات الشعبية البسيطة والديوانيات النشطة.. صعبة أن نعود إلى أحضان الود والحنان الذي غمرنا به من نحب في زمن الطيبين.. اللهم أدم الخير والأمن والحب في حياة كل من نحب، واجمعنا بهم في مستقر الجنان.

* بدون مقدمات ترى بعض الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، يتفنن في تصيد عثرات الآخرين، ونشرها للناس دون أن يراعي أبسط مبادئ الإنسانية وتراه يحكم على غيره «بظنونه الخاصة» ويتدخل في النيات.. جميل أن نسخر وسائل التواصل الاجتماعي فيما يعود على المجتمع بالنفع والفائدة ونشر زهور المحبة والخير الفواحة.. ونتجنب الخوض في مزالق استعراض سير الآخرين والنيل من أعراضهم، ونحذر من الانزلاق إلى طائلة العبارات المسيئة والجارحة التي عادة ما تكتب تعليقاً على ما ينشر.. جميل أن نهتم بأنفسنا أولاً، ونحترم الرأي والرأي الآخر، ونستثمر هذه الوسائل في رضا الله تعالى أولاً بنشر القيم وفضائل الأمور.

* بدون مقدمات قرر أن يتصل بصاحبه الذي هجره لفترة طويلة، وقصر في حقه، وهو الذي كان يصول معه ويجول في ميادين الخير وصحبة الأخيار.. قرر أن يعود إلى الحضن الذي تبادل معه الحب وذكريات المحبة والسعادة، لأنه يثق بأن ما عند الله هو خير وأبقى، وما سوى ذلك سوف يذهب أدراج الحياة.. ولك أن تتصور حجم الفرحة التي رسمت على تقاسيم صاحبه عندما رآه فجأة بدون مقدمات.. احتضنه طويلاً.. وقررا أن يسيرا من جديد في ركب الخير حفاظا على محبة جمعتهما ووفاءً لا يقدر بثمن.. هذا هو أثر الوفاء الذي نفتقده كثيراً.. ولكن تأتي لحظات جميلة يذكرك به من يحبك بقلبه.. بأن تسكن معه في تلك الآفاق الرحبة الجميلة.. اللهم أدم المحبة في قلوبنا لكل من نحب.

* يا ترى ماذا ما هو الأثر الذي سنتركه لو اهتم أي مسؤول أو موظف في أي سلم وظيفي بمعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه»؟ وكيف ستكون معاني حياتنا لو راجعنا «ضمير النفس» في كل أحوال حياتنا، وربطناها بنية صالحة نبتغي فيها وجه الله الكريم؟ صدقوني أغلب مشكلاتنا من ضمير ضبابي لا يعرف قيمة عمله، ولا يعرف كيف يتقن مهارات حياته عندما يتعامل مع الآخرين، أو عندما يقوم بمهام عمل كلف به في وظيفة يتقاضى عليها أجر الدنيا؟ أغلب مشكلاتنا من أناس لا هم لهم إلا التفنن في طلب الجوائز والهبات والحوافز.. في الوقت الذي لا تراهم ينشطون في مساحات أعمالهم.. بل يضيعون أوقاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي احتساء القهوة مع بقية الموظفين.. في المقابل تسأله ما هو نتاج عملك اليوم؟؟؟ مع الأسف لا شيء.. أعمال روتينية بسيطة.. لا تذكر أبداً.. عندما تتذكر النفوس معاني الإنجاز، فإنها بلا شك لن تغفل ولن تتكاسل عن إدراك الخير.. لأن مقصودها هو الخير في كل أعمالها. نحتاج لننجز حتى نرتقي بهذا الوطن.. فليس من المقنع أن نقصر.. ثم نتهم غيرنا بالتقصير ونتضجر من الأوضاع!!

* عندما تبوح بمشاعرك بحبر القلم وتكتب شجون نفسك.. فإنك حينها لست بملزم أن تفصح للآخرين عما تشعر به حقيقة.. لأنك بكل بساطة تكتب ما تمليه عليك المواقف الحياتية.. ولربما ترسم المشاعر في خيالك وتستكمل ألوانها على وريقات معدودة.. لست تقصد حينها ما قد يعتقده البعض.. ولا تقصد ما يضير النفس.. لأنك آثرت السلامة في مواقف الحياة، وابتعدت عن جوها الصاخب في أحيان كثيرة، فنفسك التي تشبعت بالحب، ما زالت تنطق بالخير في كل ما تكتب.. فالحب يسير معها في كل خطوات مسير الحياة.. ذلك المسير الذي ما زلنا نتعلم منه الكثير، ونتخذ بعض القرارات الحاسمة حتى لا نفقد الوعي والإحساس عن قطوف الخير.. لم يعد هناك المزيد من الوقت لكي ننتظر.. فالحياة قصيرة جداً.. لذا لنواصل المسير بحب.. فالحب هو الذي سينمي مراتب الأجور في الفردوس الأعلى.

* ومضة أمل:

الحب الذي يجمعنا، من أجل أن نصنع أبناء بررة يرفعون راية الخير في وطنهم، ونسير معهم إلى تلك الواحة الغناء نستذكر قصص بدء المسير السعيدة.