تونس - منال المبروك

انطلق الأربعاء بجزيرة جربة جنوب شرق تونس" موسم حج اليهود إلى كنيس الغريبة اليهودي وسط تفاؤل بموسم سياحي متميز بعد أن تدفق على الجزيرة أكثر من 7 آلاف سائح من مختلف دول العام لأول مرة منذ ثورة يناير 2011.

ولإنجاح حج الغريبة الذي تشارك فيه شخصيات سياسية محلية وأجنبية من أديان مختلفة بدعوة من الطائفة اليهودية في تونس، شددت السلطات الأمنية من إجراءاتها في جربة قبيل انطلاق احتفالات كنيس الغريبة اليهودي.



وأحاطت وحدات أمنية وعسكرية بالجزيرة السياحية الواقعة على السواحل الجنوبية لتونس، فيما شوهدت دوريات مشتركة ومدرعات تجوب الشوارع الرئيسة.

وفرضت الشرطة إجراءات تفتيش دقيقة عند مدخل الجزيرة وفي كنيس الغريبة الذي يستعد لاستقبال أكثر من 7 آلاف زائر من الحجيج اليهود من أنحاء العالم هذا العام، بحسب بيانات رسمية لوزارة السياحة.

أمنيات على البيض

وانطلقت مراسم الحج الأربعاء بـ"الزيارة" الرسمية للكنيس، والتي تقترن بإحياء طقوس الاحتفال الديني الأربعاء وتستمر حتى الخميس حيث يتوافد السياح على المعبد لإشعال الشموع وكتابة أمانيهم على البيض وإقامة الصلوات ليختتم الحج بـ"الخرجة" التي يطلق فيها السياح الحجيج الأهازيج ويقيمون الاحتفالات الموسيقية بمشاركة كافة الوافدين من سياح الأديان الأخرى.

كما تتضمن الاحتفالات طقوساً أخرى كاحتساء نبيذ "البوخا" التقليدي وإقامة الولائم التي تتزين بأشهى الأطباق التي يتميز بها المطبخ التونسي اليهودي.

ويمثل موسم حج الغريبة امتحاناً لنجاح الموسم السياحي في تونس حيث يختبر متعهدو الرحلات السياحية في العالم جاهزية السلطات الأمنية وقدرتها على تأمين السياح بعد أن تلقى القطاع ضربات موجعة عقب الثورة تسببت عام 2015 في وفاة عدد من السياح الأجانب في حادثين منفصلتين بمتحف باردو بالعاصمة في مارس وبمنتجع سوسة السياحي في يونيو.

كما يعد موسم الحج إلى كنيس الغريبة، الذي يعود إلى أكثر من 1500 عام وهو الأقدم في أفريقيا، مقدمة لموسم الذروة للقطاع السياحي الصيفي في الجزيرة كما في باقي المنتجعات السياحية في تونس، وهذه المرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود التي يتزامن فيها موسم الحج مع شهر رمضان.

ويحظى كنيس الغريبة بمكانة دينية وحضارية وتاريخية عند اليهود، حيث توجد به أقدم نسخة معروفة من التوراة، وفق الروايات اليهودية. وتقطن في حارات قرية الرياض، على بعد كيلومترات من حومة السوق بجزيرة جربة، طائفة يهودية منذ أكثر من ألفي عام بحسب المؤرخين التونسيين.

ويتكون كنيس الغريبة من جزأين، مبنى كبير مخصص للطقوس الدينية والصلاة والدعاء والعبادات جدرانه مطلية بألوان يغلب عليها الأبيض والأزرق، بداخله بيت الصلاة الكبير وهو المكان الذي تؤدى فيه أهم شعائر الزيارة وطقوس الحج.

مشاركة مكثفة للسياسيين

وعلى مدار السنوات الماضية تحوّل موسم حج الغريبة إلى قبلة للشخصيات السياسية من مختلف التيارات، حيث يتنقل المسؤولون والسياسيون بكثافة في هذه المناسبة لجزيرة جربة لمشاركة اليهود في إحياء شعائر حج الغريبة بما في ذلك سياسيو التيار الاسلامي، كما سجل هذا العام للسنة الثالثة على التوالي حضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد للحج فضلا عن رؤساء الأحزاب.

وبالرغم من أن يهود تونس بقوا ظاهرياً بعيداً عن الشأن السياسي في تونس إلا أن العارفين بالشأن العام يؤكدون الدور المهم لهم في دعم الأحزاب وإنجاح المحطات الانتخابية ما يفسر تهافت السياسيين على حج الغريبة للتقرب من الطائفة اليهودية التي تتمركز بكثافة في جربة ويسهر بيريز الطرابلسي "والد وزير السياحة روني الطرابلسي" إلى إدارة شأن الطائفة هناك.

ومن عام إلى آخر يتحوّل موسم الغريبة إلى مناسبة سياسية لا دينية، إذ إنّه إلى جانب حج اليهود من كل أصقاع العالم أصبح وجهة مفضلة للسياسيين من أجل إرسال رسائل سياسية عن "التسامح" الديني وإرسال إشارات للخارج.