الخوف من المستقبل والمجهول والخوف من الفقر والخوف من الموت والخوف من المرض والخوف من الفشل وغيرها من المخاوف كلها إذا زاد التفكير فيها تصبح عقبة للحياة وتشل حركة الإنسان.

فكم من فكرة ناجحة تبقى مسجونة في ذهن صاحبها دون أن ترى النور والتطبيق ومن ثم تتبخر بسبب الخوف من الفشل. وكم من مغامرة ممتعة تكسب الإنسان الخبرة وتعلمه المزيد، تلغى وتعتبر ضربا من الجنون لأن صاحبها يخاف من عواقبها التي لا مكان لها إلا في ذهنه في أغلب الأحيان.

وكم من مواجهة ضرورية وحاسمة يؤجلها صاحبها خوفاً من شيء ما قد ينتج عنها ما قد يزعجه «على الرغم من أنه في حالة انزعاج دائمة أصلاً». هكذا يعيش البعض منا في دوامة الخوف من كل شيء تقريبا فتصبح حياته مملة ورتيبة ولا طعم لها. بل وتصيبه الأمراض النفسية والعضوية نظراً لإحساسه المؤلم بعدم القدرة على التقدم واتخاذ القرارات.

نعم الدنيا فانية ولا تستحق الكثير من الاهتمام بها وبزينتها ولكن في مشوارها القصير لا بأس أن يجتهد الإنسان في تحقيق بعض أحلامه وبعض النجاحات وإن كانت صغيرة وأن يترك بصمة فيها يذكره فيها من يأتي بعده. فالإنسان يصبح فارغاً لا هدف له إذا لم يخطو خطوات دائماً خطوات مفيدة له ولمحيطه.

جميع المخاوف مشروعة بلا شك ولكن ليس من المفروض ان تكون جدارا يمنع حركتنا في الحياة. فلا يستطيع المرء أن يتجنب القدر ومشيئة الله سبحانه وتعالى. فالمكتوب مكتوب ولا يمكن صده أو الهروب منه.

فإذا ظل الإنسان في منزله خوفاً من الخروج والإصابة بمرض ما فإن المرض سيأتيه وهو في غرفة محصنة في المنزل! وإذا تناول كل الفيتامينات ومارس كل الرياضات وأكل كل الأكلات الصحية ظناً منه أنه سيؤخر موعد وفاته، فإن الموت إذا كان مكتوباً عليه في سن العشرين أو الأربعين فلن يهرب منه مهما فعل، «هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون»، «سورة غافر: الآية: 68».

الحذر والعمل بالأسباب مهمان لكن ليس لهما نفس قوة القدر والمكتوب. فاما أن نسلم أمرنا للخالق عز وجل ونتوكل عليه ونجتهد في ما ننوي القيام به ونواجه مخاوفنا بجرأة وشجاعة أو نقضي على نعمة الحياة ونعيش في حرمان وخوف وبذلك قد نخسر دنيانا وآخرتنا كذلك والعياذ بالله.

أقول ذلك لمن جعلوا الخوف حاجزاً يمنعهم من القيام بأي عمل يفيدهم ويفيد أسرهم ومجتمعاتهم. أقول ذلك لمن يؤجل قرارات مصيرية بسبب الخوف. أقول ذلك لمن جمد نفسه وطاقته في زنزانة الخوف. كل هؤلاء ابتعدوا عن حلاوة طعم النجاح ولذة الانتصار في المعارك والشعور بالثقة بالنفس ومتعة الحياة وإن كانت فانية.