مرض السرطان، من الأمراض التي انتشرت بسرعة هائلة وكثافة عالية في الفترة الأخيرة حول العالم، وأصبح واحداً من أهم مسببات الوفاة لكثير من المرضى، سواء خضعوا للعلاج الكيميائي / الإشعاعي للسيطرة جزئياً على انتشاره، أو لم يخضعوا له وقرروا الاستسلام للمرض حتى يتوفاهم الله. صحيح أن هناك حالات استثنائية «تشافت» تماماً من المرض، ولكن أغلبها كان في مراحله الأولى، إلى جانب تمتع هؤلاء بمعنويات عالية وإرادة قوية ساعدتهم على الامتثال للشفاء. لكن أحداً لا ينكر المضاعفات الجانبية لمحاولات العلاج الإشعاعي التي يتلقاها أغلب مرضى السرطان، حيث إن العلاج الإشعاعي يفضي في أغلب الأحوال إلى تضرر أنسجة الأعضاء السليمة بالجسم، لاسيما تلك الأعضاء المجاورة لموقع الورم السرطاني.

ومن المشكلات التي يواجها الأطباء المعالجون في هذا المجال، صعوبة تحديد الأعضاء المجاورة لتجنيبها مخاطر التعرض للإشعاع عبر صور الأشعة المقطعية، وهو أمر بات أكثر سهولة ويسراً في ضوء ما حققه خبراء وباحثون بجامعة «كاليفورنيا إيرفن» الأمريكية بالتوصل إلى تقنية تتيح للأطباء تحديد درجة الخطورة التي تتعرض لها أنسجة الجسم المتعرضة للإشعاع، وذلك من خلال قراءة الذكاء الاصطناعي لصور الأشعة المقطعية بواسطة معادلة خوارزمية للتعلم الدقيق.

وقد نقلت بوابة الأهرام عن الباحث تشياو هوي تشي، أستاذ علوم الكمبيوتر بالجامعة المذكورة، أن الأمر الذي بات يستغرق حوالي نصف ساعة من الأطباء لتحديده بمشقة، بات يجرى في ثوانٍ معدودة، وأن دقة التحليل الذي حققته هذه التقنية قد جاوز الـ78%، مبيناً أن الدراسة التي تم إجراؤها لاختبار التقنية ركزت على مناطق حساسة جداً من الجسم كمنطقتي الرأس والرقبة معللاً ذلك بتعقد التركيب التشريحي وكثافة الأعضاء الموجودة هناك، ما يجعل أي خطأ أو اتساع لرقعة تأثير العلاج بالإشعاع ذي نتائج سلبية وخيمة قد تفضي إلى تعطيل كثير من الأجهزة في الجسم كونها تقع على مقربة من مراكز التحكم بها في الدماغ، وهو ما حاولت التقنية السيطرة عليه أو الحد منه. إذ تعمل هذه التقنية على «التعرف على الأعضاء الحيوية في المنطقة المراد تعريضها للإشعاع، ثم تستخلص الصور التي تركز على هذه الأعضاء الحساسة».

* اختلاج النبض:

رغم كثير من التحذيرات والتهديدات التي باتت تعترينا جرّاء الثورة التكنولوجية التي أحدثها الذكاء الاصطناعي، إلاَّ أنه من الإنصاف القول إنه قاد أيضاً إلى كثير من الفرص لإنقاذ حياة البشرية وتطوير سبل الحياة، وأن ما توصل إليه الذكاء الاصطناعي من أبحاث جادة في المجال الطبي بات يؤتي أُكله في المستويات النوعية للصحة. فالمسألة الحقيقية التي نواجهها ليست في خطورة الذكاء الاصطناعي كتقنية جديدة واعدة، بل في مسؤولية القائمين عليها والنتائج التي يرجون تحقيقها من خلال تلك الابتكارات المتسارعة.