قبل أيام، جاءنا خبر تصدر البحرين مؤشر تنمية التمويل الإسلامي للعام السابع على التوالي على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهنا عدت بالذاكرة لحديثي مع مصرفي متقاعد قضى 35 عاماً في البنوك والذي أكد لي - بعيداً عن أي أجندة ترويجية- أن البحرين تظل هي الأفضل والأبرز والأكثر ابتكاراً في القطاع المصرفي، خاصة وأنها الرائدة في الصيرفة الإسلامية ومنتجاتها ومنذ تأسيس بنك البحرين الإسلامي في العام 1978.

وتصدرنا هذا العام لهذا المؤشر، للعلم، جاء بسبب اجتهادنا في دعم وتبني التكنولوجيا المالية «الفنتك»، وسعينا لنكون منصة تجريبية لقوانين التقنيات الحديثة في عالم الصيرفة.

مجموع أصول المصارف الإسلامية المتواجدة في البحرين يصل إلى 28 مليار دولار مما يجعلها من أكبر أسواق المصارف الإسلامية في المنطقة وهي تحتوي على أكبر كثافة للمصارف الإسلامية في المنطقة بوجود 15 في قطاع الجملة و6 مرخصة في قطاع التجزئة. وعلى الرغم من الاندماجات التي حصلت والتي ستحصل في المستقبل القريب، وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وتبعاتها الصعبة وعلى الرغم من أزمة 2011، وأزمة هبوط أسعار النفط بعد ذلك، إلا أن هذا القطاع مازال يؤدي أداء ممتازاً.

هذا الأداء يدعمه تنظيم متقن ورقابة صارمة وتشريعات متطورة تضمن الحقوق وتمنع التلاعب وتستوعب المستجدات وخبرات بنكية محلية مشهود لها بالمهارة وجهات تعليمية وتدريبية ذات جودة متمثلة بكلية إدارة الأعمال بجامعة البحرين، ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، اللذين يرفدان القطاع بالكفاءات باستمرار وموقع جغرافي مميز وسط الخليج بالإضافة إلى كلفة تشغيل تكاد تكون الأقل في المنطقة.

وبعد أسابيع ستحتفل البحرين بمئوية القطاع المصرفي الذي أصبح فخراً للبحرين. فمنذ افتتاح «البنك الشرقي»، في عام 1920، والذي ساهم في تأمين التحويلات المالية لتجار اللؤلؤ إلى الهند وحتى هذا اليوم و البحرين - بشهادة المراقبين والعارفين - هي الأهم والأبرز في قطاع المصارف والمؤسسات المالية في المنطقة، حتى لو كانت هناك منافسة وحتى لو توزعت «الكعكة»، فمؤشر الأفضلية التنافسية مازال يميل نحوها.

قبل أن أختم، أذكر أن أحد الأسباب التي أجلت افتتاح بنك في البحرين حتى العام 1920 على الرغم أن المحاولات بدأت منذ العام 1900، وحسب الصفحة الإلكترونية الرسمية لبنك ستاندرد شارترد العريق، هو اعتراض التجار آنذاك على دخول بنك ربوي تتعارض معاملاته مع الشريعة. ومن الواضح، أن هذا القلق «الديني» المشروع استمر واستمر وحفز الناس في هذا البلد المسلم الخير على الاجتهاد لإيجاد بديل إسلامي يرضيهم و يطمئنهم فتبنوا المصارف الإسلامية منذ ولادتها وجعلوها تترعرع وتزدهر حتى أصبحت البحرين بفضلهم وبفضل حرصهم مركز المصارف الإسلامية وبلا منازع!