لقد بات فيروس كورونا خطراً يهدد العالم فأوشك أن يتسبب في كارثة اقتصادية عالمية، تفوق الكارثة الصحية التي يشكلها هذا الوباء على حياة البشر، ففي ظل تزايد أعداد المصابين والمتوفين، والارتفاع الكبير في أعداد المشتبه بهم ممن في الحجر الاحترازي، والمتوقع أن يصل عددهم إلى عدة ملايين من سكان العالم نتيجة انتشاره في أكثر من 100 دولة، ففيروس كورونا لم يهاجم الأجساد فقط، بل امتدت أذرعه المتوحشة ليعطل عملية التعليم، وليوقف حركة التنقل بين الدول، ويوقف النشاط والحركة في الشوارع والمجمعات، وامتدت أنيابه ليهاجم اقتصاد الدول، ويصارع التجار في أرزاقهم. إن مواجهة هذا الصراع والتحدي له يحتاج لدعم ومساندة الحكومة للشركات والأفراد وتكاتف المواطنين مع الحكومة. ولقد بات الشغل الشاغل لحكومات الدول الآن هو كيف تواجه فيروس كورونا ليتمكنوا من صرع هذا المارد الذي يدمر كل ما حوله.

ولقد بادرت القيادة الحكيمة في مملكة البحرين باتخاذ قرارات عدة لمواجهة أثر هذا المارد لحماية الاقتصاد، وهو موقف يخط بأحرف من ذهب على صفحات التاريخ، فوفقاً للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بادرت الحكومة بإطلاق حزمة مالية واقتصادية لتوفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص للتعامل مع آثار الأوضاع الراهنة للتصدي للفيروس حفاظاً على النمو المستدام حيث تم الإعلان يوم الثلاثاء الماضي عن حزمة مالية واقتصادية بقيمة 4.3 مليار دينار بحريني، وهي قرارات حكيمة ورحيمة صبت في مصلحة الاقتصاد مما يعكس أثرها على المواطن، إذ ستسهم في توفير الظروف الملائمة التي تسمح للقطاع الخاص ومؤسساته وشركاته في استعادة نشاطها بشكل تنافسي والنهوض بمسؤولياتها وأدوارها الريادية والتنافسية، فمن القرارات التكفل برواتب البحرينيين المؤمن عليهم في القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر، ودفع فواتير الكهرباء والماء لكافة المشتركين لمدة ثلاثة أشهر، وإعفاءات من رسوم وإيجارات للمؤسسات التجارية والصناعية والسياحية، ومضاعفة حجم صندوق السيولة، وإعادة توجيه برامج «تمكين»، لدعم الشركات المتأثرة، وحزمة من القرارات من بنك البحرين المركزي لرفع قدرة الإقراض لدى البنوك وذلك لإعطائهم المرونة اللازمة للتعامل مع طلبات العملاء لتأجيل الأقساط أو للتمويل الإضافي. وإعادة هيكلة القروض بالتعاون مع البنوك بهدف دعم استمرارية الأعمال في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب البحريني وتحقيق نمو هذا القطاع خلال المرحلة الحالية، بما يساهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على مستويات تطور الاقتصاد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

فتحية إجلال وتقدير لقائد فريق البحرين الذي حقق وسيحقق إنجازات عدة شكراً لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على هذا العمل المحترف، وهذه القرارات المتفاعلة مع كل تطور للأزمة. فمنذ ظهور أول إصابة بفيروس كورونا اتخذت مملكة البحرين بفضل توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، العديد من القرارات الحازمة والرحيمة لتخطي المرحلة الاستثنائية التي تمر بها المملكة حاليا بسبب فيروس كورونا من اجل التغلب على الأزمة عبر التدابير الاحترازية، وفقاً للمعايير الدولية، مع الأخذ في الاعتبار، مصلحة المواطن.

إن حزمة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية تدل على جاهزية، حكومة البحرين لاحتواء المتغيرات المختلفة التي تمر بها البلاد لمواجهة فيروس كورونا وتثبت كفاءتها وقدرتها على إدارة الأزمات مما يجعل البحرين نموذجاً يحتذى به عالمياً، كما تجعل تلك القرارات الحكيمة البحرين نموذجاً مثالياً لتماسك القيادة مع الشعب في مواجهة العثرة الاقتصادية التي تسبب فيها فيروس كورونا، وفي ظل التجاذبات على المسرح الدولي حول التقدم والرقي والإمكانيات استطاعت البحرين أن تجعل كبرى الدول تتخذ من المملكة مثالاً يحتذى به في مجال إدارة الأزمات والقدرة على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية مواطنيها صحياً واقتصادياً فالبحرين قادرة أن تتخطى كافة الصعاب، بالتكاتف المجتمعي في ظل قيادتها الرشيدة دامت البحرين فخراً وعزاً لجميع أبنائها.