قبل رمضان تصاعدت أخبار حملات التفتيش التي تقوم بها جهات رسمية على الأسواق وعلى المستودعات، شاهد الجميع وبكل صدمة ضبط أحد المستودعات التي تخزن وتغش في بيانات السلع الغذائية. والتي كانت إحدى أكبر عمليات ضبط شهدها الجميع خلال العقود الأخيرة. ثم شاهدنا بكل أسف سلوكاً بعيداً كل البعد عن الأخلاق من قبل الكثير من تجار المواد الغذائية باستغلالهم الوضع الراهن الذي تمر به البلاد والعالم إثر تفشي وباء «كورونا»، بأن يتم إخفاء وسحب المواد الغذائية والخضروات من الأسواق بقصد رفع أسعارها والتكسب من هذه الأزمة.

والأروع من ذلك كله النشاط الذي ظهرت به وزارة التجارة والصناعة بأن كثفت حملات التفتيش التي تقوم بها، وداهمت كثيراً ممن احتكروا تلك البضائع من أجل رفع أسعارها، والإجراءات التي سمعنا عنها.

حتى اكتشفنا بأن مصيبة الأسعار لم تكن أبداً شحاً في المعروض، بل كانت استغلالاً بشعاً من قبل مجموعة من المتكسبين في الأزمة. رئيس لجنة الأغذية والزراعة بالغرفة أكد مراراً أن المخزون من السلع الأساسية والخضراوات يكفي تماماً ويغطي السوق، وأن الشحنات من الدول المصدرة في الطريق. إذا لماذا يا وزارة التجارة ويا رئيس لجنة الأغذية والزراعة لا تزال الأسعار مرتفعة؟

من يقول إن الأسعار عادت إلى ما كانت عليه فهو لا يعلم كم وكيف كانت الأسعار قبل الأزمة. أسعار المواد الغذائية مرتفعة عن سابق عهدها رغم كل التصريحات والتطمينات. وكأن كل هذه الزوبعة الإعلامية من ضبط وإجراءات كانت من ورق.

هذه الحالة لا تخص وزارة معينة أو جهة، بل هو حال كثير من مؤسسات الدولة التي تصنع زوبعة وقضية وتتناقلها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتقول «كل شي تمام»، وفي الأخير يغلق أو يحجب هذا الملف مع الأيام، وتقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية شاهد على هذا الواقع المرير الذي يؤكد ويقول أن «لا شي تمام».

دول كثيرة تحدد أسعار المواد الغذائية بشكل رسمي وتلزم جميع التجار فيها فلماذا لا تقوم البحرين بنفس الخطوة ولو فقط في فترة الأزمة لضمان استقرار الأسعار؟