بغداد - (وكالات): لأول مرة منذ أشهر طويلة تلقي القوات الأمنية في العراق القبض على أحد مطلقي النار باتجاه المتظاهرين، وذلك بعد أن شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على التزامه بحماية المحتجين في البلاد، مؤكداً أنه سيحاسب المتورطين بالاعتداء عليهم.

وفي التفاصيل، أعلنت قوات الأمن، الاثنين، اعتقال خمسة مسلحين على الأقل تابعين لحركة ثأر الله "حزب محلي"، بعدما قتلوا شخصاً بإطلاق النار على متظاهرين أمام مقرهم في مدينة البصرة بجنوب العراق.

وفي ساعة متأخرة من ليل الأحد، احتشد متظاهرون أمام مقر لحركة "ثأر الله" في البصرة لتجديد مطالبتهم بالإصلاحات السياسية وتغيير الطبقة الحاكمة التي يتهمونها بالفساد.



فأطلق مسلحون من داخل المقر الرصاص الحي ضد المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل متظاهر يبلغ من العمر 20 عاماً إثر إصابته برصاصة برأسه، وفقاً لمصادر طبية وشهود.

وبعيد ساعات، اقتحمت قوة أمنية مقر الحركة الذي يقع على بعد كيلومتر من ساحة الاحتجاجات الرئيسة في البصرة.

يشار إلى أن حزب ثأر الله "المسلح" تأسس عام 1995، وشارك أمينه العام يوسف سناوي في عدة انتخابات برلمانية دون الحصول على مقاعد، ودخل خلال الأعوام 2006 وحتى 2008 في مواجهات عسكرية، كما اتهمته السلطات المحلية بالاستحواذ على سيارات عائدة للدولة والقيام بنشاطات مسلحة والتنفذ في شركة الموانئ العراقية ودفع الشركات الأجنبية إلى الخروج من الموانئ العراقية.

وعام 2008 انضم سناوي إلى ما يسمى البيت الخماسي المتكون من المجلس الأعلى ومنظمة بدر، ومنظمة سيد الشهداء.

ثم اعتقل في عهد رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، من قبل قوة خاصة مع ثلاثة من أشقائه، وحكم عليه بالسجن المؤبد، إلا أنه عاد لاحقاً بطريقة غامضة إلى المشهد العراقي، بحسب ما أفادت شبكة "روداو" الكردية العراقية. وعاد وترشح في انتخابات 2018، إلا أنه لم يفز.

إلى ذلك، يتهم سناوي الذي سبق أن هاجم الاحتجاجات العراقية ببيانات رسمية علناً، بقتل المتظاهرين في عدة محافظات منها بغداد والبصرة.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي في شرطة البصرة باسم المالكي، "اعتقلنا خمسة أشخاص أطلقوا النار على المتظاهرين من المقر". كما صادرت قوات الأمن بنادق وذخيرة حية عثر عليها داخل المقر، وفقاً للمتحدث.

وكانت احتجاجات محدودة مناهضة للسلطات استؤنفت في بعض المدن العراقية، الأحد، وشهدت مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن منهية نحو ثلاثة أشهر من الهدوء النسبي بعيد أيام من استلام رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي مقاليد السلطة. لكن الانقسامات السياسية الداخلية، وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، والحظر المفروض بفعل تفشي جائحة كوفيد 19، أنهى الحراك فعلياً مع بداية العام 2020، رغم بقاء عدد من المتظاهرين في خيام منصوبة بساحات التظاهر بجميع أنحاء البلاد.

كما شهدت مدن أخرى بينها الكوت، عاصمة محافظة واسط جنوب بغداد احتجاجات، حاصر خلالها متظاهرون منزل المحافظ ونائبيه، وسط المدينة. كما تظاهر آخرون في السماوة والديوانية.

يذكر أنه بعد تعهد الحكومة العراقية الجديدة برئاسة الكاظمي بالإفراج عن المتظاهرين الذين اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية، التي خرجت في أكتوبر الماضي، طالب مجلس القضاء الأعلى، الأحد، كافة المحاكم التي تعرض عليها قضايا خاصة بالمتظاهرين بإطلاق سراحهم.

هذا وانطلقت الاحتجاجات الشعبية للمرة الأولى في بغداد ومدن الجنوب في أكتوبر 2019، للمطالبة بمكافحة الفساد والبطالة وتغيير الطبقة السياسية التي تحتكر الحكم منذ 17 عاماً.