التجربة التي عاشتها وما تزال تعيشها البشرية خلال هذه الفترة من أزمة تفشي الفيروس القاتل، أماطت اللثام عن عدد من الحقائق المؤلمة والتي سبق للمفكرين والعلماء التحذير منها، ولم يستمع إليهم أحد بسبب التركيز فقط على آلة الإنتاج والاستهلاك والربح السريع بأي ثمن، منها:

- إن الانتهاك والإهدار والتخريب والاستنزاف الذي مارسه وما يزال يمارسه الإنسان ضد الطبيعة، قد أحال الأرض إلى مكان غير صالح للعيش فيه، وأن الطبيعة اليوم تدافع عن نفسها ضد جشع الإنسان وانتهاكاته التي بلغت حداً خطيراً لم يعد من الممكن تحمله.

- فشل منظومة اقتصاد السوق والنيوليبرالية القائمة على المنفعة المادية، بأي ثمن، من دون أي اعتبار لما هو اجتماعي أو إنساني أو أخلاقي، بما أدى إلى تسليم مصير العالم إلى قطاع الأعمال الجشع والذي حوّل الجميع إلى عبيد لسلطة المال، وتسبب في خلق العديد من الأزمات الخطيرة والمتكررة، وإلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية وتفشّي الأمراض والأوبئة، في ظل الإمعان في تحرير السوق، وخصخصة قطاعات القطاع العام في العديد من الدول، ورفع يد الدولة عن مسؤولياتها تجاه المجتمع، وإخراجها من معادلة الحماية والرعاية.

- ظهور اتجاه واضح نحو استغلال هذه الصدمة الحالية الناجمة عن تفشي الفيروس القاتل، للضغط على الحكومات والشعوب، بغرض فرض السياسات التي لا تحظى بأي تأييد شعبي، والدفع بها نحو اتخاذ قرارات تزيد من التبعية والفقر، مثل تخفيض الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية وتقليص شبكة الأمان للفقراء، وبيع الشركات الحكومية للقطاع الخاص بأبخس الأثمان، وضرب حقوق العمال المشروعة، مما يجلب المزيد من المعاناة والأضرار للشعوب.

- ومع ذلك، هنالك اليوم فرصة لإعادة بناء العالم من جديد، وإنقاذه وسط هذا الحطام، في ظل الانهيارات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الهائلة المتوقعة، مما يجعل هذه اللحظة تاريخية بحق، يمكن استثمارها لاستعادة إنسانية الإنسان، وإنقاذ ما بقي منها على الأقل.

* همس:

عندما تغدو الظلال

ملاكاً سائلاً،

يضيع المعنى

في ثنايا الحيرة.

وفي مرساة العمر،

تتلاشى الأحلام

كل مساء،

في السّديمِ

أو في الغيمِ العابرة.