لم أعط كافة انتباهي للمشهد سوى أن رددت في قلبي: «الله يكون في عون الشعب الفلسطيني.. من يوم فتحت عيوني على هذه الحياة وأنا أشاهد موقف الحجارة هذا».. ولكن ما هي إلا ثوانٍ، واسمع صوت المذيعة معلقة: «بالحجارة، بهذه الوسيلة البدائية يحاول الشعب اللبناني أن يعبر عن غضبه عما يمارس عليه من فسادٍ حكومي وغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار وبالطبع بطالة عارمة وأسعار عالية وجائحة كورونا (كوفيد19) التي تلزمه أن يختار أما أن يلتزم البيت ويعاني الفقر أو أن ينزل الشارع وفي يده حجارة الثوار».

أمام هذه الكلمات شعرت بأن الدم تجمد في عروقي، ودمعة ذرفت من عيني والغضب الصامت تملكني.

الشعب في الطرقات يصرخ بأعلى صوته «كفى للظلم وكفى للفساد، كفى لحكومة كتبت على نفسها الاستبداد وكتبت على شعبها الاستعباد، وهي مسلوبة الإرادة من حزب قادها لحضن الولي الفقيه في قم وطهران، كفى الشعب بده يعيش ما عاد يتحمل الظلم والتعتير».

حقيقة، أنا ضد ما يقوم به بعض المتظاهرين من أفعال الحريق والتكسير، وربما نوجه لهم اللوم، حتى وإن اعتبر البعض أن ما يقومون به أداة للتعبير بعدما نفدت لديه كل ما يعرف «بثورة سلمية والحوار سيد الأخيار» وفي المنقلب الآخر لا يوجد أحد من الساسة الكبار يقبل أن يتحمل تبعات القرار.

طيب والحجارة ما دورها، فالمشهد الفسلطيني انتقل إلى أن يكون مشهداً لبنانياً من غير أعذار ولكن بفارق واحد وأساسي ومؤلم باختصار، الحجارة ترفع بوجه رجال الجيش اللبناني وليس بوجه العدو الصهيوني. يعني أبناء الشعب الواحد في مواجهة بعضهم البعض، الأول مجروح والآخر مأمور. فيا له من موقف محزن يفطر قلب أم على وليدها إن كان ضمن عناصر الجيش أو الدفاع أو من بين الثوار الأحرار الذين وعدوا أنفسهم والناس أجمعين أنهم «حيكملوا المشوار».

ثورة بدأت من شهر أكتوبر 2019، كان أملنا أن تنتهي على سلام ويعود اللبناني إلى بيته بأمان مردداً بارك الله بحكومة رجالها سبب السعادة والهناء.. ولكن تبين أن كل ذلك في الأحلام، واللبنانيون لايزالون رهينة كابوس حقيقي يعيشونه من زمان.