تعجبت كثيراً من ردة فعل البحرينيين على إساءة نورة المطيري للمملكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لم يردوا بأي شكل من أشكال الإساءة اللفظية عليها أو على جنسيتها، بل كان ردهم مزيجاً بين الغيرة على وطنهم، وقمة الرقي في التعامل مع «النكرات».

هذا الموقف، قادني للتفكير ملياً في أعجوبة هذا الشعب الراقي، وقدرته على عكس صورة حضارية دائماً عن نفسه بمختلف طوائفه وطبقاته، ووجدت أن هناك عجائب لن تراها إلا في البحرين.

أين تجد شعباً كهذا يطمئن فيه بحريني على من صدم سيارته في حادث مروري بدلاً من توجيه اللوم والشتائم له؟! وأين تجد أناس يتبرعون في ثواب شخص لبناء مسجد أو بئر بعد موته، حتى وإن كانوا لا يعرفونه؟!

هو الشعب الوحيد الذي اجتمعت شعوب الأرض التي تعاملت معه على محبته، ولم يجدوا إساءة منه سواء داخل البحرين عند العمل، أو خارجها عند السفر والسياحة.

شعب يتعامل مع العمالة الوافدة بمختلف جنسيتها دون ازدراء أو فوقية، حتى وإن كان عاملاً بمهنة بسيطة، بل تجده يمازحه و«يخاويه».

شعب لا يوجد تمييز لديه بين أخلاق الفقير والغني منه، جميعهم حصلوا على أفضل تربية و«سنع»، فليس فقيرهم بالجاهل البذيء، وليس غنيهم بالمتكبر المتعجرف.

شعب يستحي من ذكر إنجازاته والتباهي بها، حتى وإن كانت مثالاً يحتذى به، وتحمر وجنتيه و«يتخزبق» إذا مدحته.

بل أين تجد شعب به رجل أمن يوقفك بمخالفة مرورية، وأول ما يلفظه بعد التحية والسلام كلمة «مسامحة بس أخوي أنت مخالف»، وهذا الأصل في التعامل بينهم وليس استثناء.

في البحرين فقط، تجد المتدين وغير المتدين يجلسون على طاولة واحدة، وربما أصدقاء منذ الطفولة، دون أن يزدري أحدهم الآخر أو يتعامل معه وكأن الجنة والنار بيده.

وهنا فقط، تكاد لا تجد «هوشة» أو عراك بالأيدي، وهي حوادث نادرة جداً، بل وحينما تحصل، يثور الجميع لاستنكارها وكأنها جريمة عظمى، في حين أنها أسلوب حياة يومي في دول أخرى.

شعب يستخدم كلمة «الشيخ» و«الشيخة» و«يالحبيب» لمناداة من لا يعرفه.

* آخر لمحة:

هذه فقط بعض من صفات شعب البحرين العجيب، وأتمنى أن تستمر أعجوبة هذا الشعب بوعيه الكبير في التعامل مع جائحة «كورونا»، فالبحرين هي الدولة الوحيدة التي رفعت شعار «مجتمع واعي».