هناك ترقب خليجي كبير لما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة الأمريكية مطلع نوفمبر المقبل، لأن السياسة التي سيتبناها الرئيس الحالي أو الجديد ستساهم في معرفة طبيعة الفرص في التحالفات السياسية الخليجية مستقبلاً. بل هناك توجس من احتمال عودة أجندات التغيير السياسي التي تبناها الديمقراطيون في فترة سابقة وقادت ما يسمى بـ «الربيع العربي».

بعيداً عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن تحول الدول الخليجية إلى دول غير ريعية، وما يمكن أن تترتب عليه من تداعيات بعد جائحة كورونا (كوفيد 19) ستخلق فرصاً هائلة في الخليج العربي. لكن هذه الفرص لن تكون مجدية إلا إذا حسمت دول المنطقة مساراتها في التعامل مع القضايا الإستراتيجية الراهنة، أما بقاؤها بشكل مفتوح لتكون قضايا مزمنة فإنها ستكون تحديات وليست فرصاً، ولن يحدث أي تغيير في المنطقة.

توجد ثلاث فرص تتعلق بمستقبل التحالفات السياسية في المنطقة، تشمل:

أولاً: إعادة تشكيل التحالفات السياسية في المنطقة وفق مصالح مشتركة وليست أجندات: شهدت المراحل التاريخية منذ سبعينات القرن العشرين تركيزاً كبيراً على الالتزام بالأجندات في السياسة الخارجية، وتشكيل التحالفات السياسية. لكنها لم تركز كثيراً على المصالح المشتركة التي يمكن أن يستفيد منها الجميع، وما يساعد على ذلك تراجع الأيديولوجيات السياسية حالياً بشكل غير مسبوق.

ثانياً: إعادة تشكيل منظومة الاعتدال في النظام الإقليمي الخليجي: يتسم هذا النظام بوجود منظومة متطرفة راديكالية دائماً ما تسيطر عليه، سواءً كانت من قوى داخلية أو إقليمية أو حتى دولية، وهذه المنظومة كانت مستمرة ولم تتوقف، وآخر المتورطين فيها الدوحة. قد يكون من المناسب الآن اغتنام الفرصة لإعادة تشكيل هذه المنظومة، سواءً من خلال التغيير السياسي أو الاقتصادي وحتى العسكري طبقاً لما يتطلبه الوضع والمصلحة.

ثالثاً: تغيير مفهوم أمن الخليج لتكون مسؤولية الدول الأطراف فيه: ظل مفهوم الأمن الجماعي لأمن الخليج مجرد شعار تستخدمه بعض النخب ووسائل الإعلام، لكنه لم يكن قط مفهوماً حقيقياً لأمن الخليج العربي، لذلك قد يكون الوقت مناسباً لإعادة تبنى مفهوم جديد لأمن الخليج بما يضمن الحد من الصراعات والنزاعات المكلفة، حتى وإن اقتضى تبني هذا المفهوم تضحيات إستراتيجية.