لو أن طالباً في أي مرحلة من مراحل التعليم الجامعي في تخصصات الطب قال عن نفسه أو لقب نفسه بـ «دكتور» أو «طبيب» ستكون هناك ردة فعل كبيرة على مستوى المجتمع من أهل الاختصاص ووزارة الصحة وربما حتى الجهات الأمنية. بسبب تقمصه لمهنة ولقب لم يناله إلى الآن.

وحتى لو شخص يلقب نفسه بمهندس أو Eng. فلن تعترف به أي جهة ذات علاقة، ولا حتى من كبار المستثمرين في عالم البناء والعقار أو صاحب تصاريح العمل المرن «كله معلوم»، فهو في الأخير دخيل على هذا العالم ما لم يجتز عدة شروط تعطيه اعترافاً رسمياً.

كل هذه المهن محمية وتحاط بصرامة عالية، إلا أنني وجدت مهنة وحرفة رغم أهميتها وتأثيرها البالغ الذي يصعد بالأمم والمجتمعات ويهبط بها، وجدتها «مهنة من لا مهنة له» ألا وهي مهنة «الإعلامي» و«الصحفي».

بعضهم بمجرد أن يتخصص في مجال الإعلام بالجامعة وبمجرد يتعلم أن الاتصال «مرسل ورسالة ومستقبل»، تتكون لديه قناعة تامة بأنه أحد أفراد الجسم الإعلامي في البلد وربما المنطقة العربية، فيظهر هنا وهناك بصفة إعلامي.

كما الحال مع مهنة الصحافة، التي ظلمت عدة مرات خلال العقدين الأخيرين، فلم يكفيها أن ينتسب إليها كتاب لا يفرقون بين «إن وأن» وكل كتاباتهم تخرج من أقلام بالإيجار. حتى ظهرت فئة جديدة بمجرد أن كتبت فقرتين في الفيسبوك أو خاطرة في بريد القراءة، إلا أصبحت تقارن نفسها مع مخضرمي الصحافة وكتابها.

من أكبر النكات غير المضحكة أن يأتي أمثال هؤلاء ويضعوا أنفسهم مع من أمضى سنوات في مجال الإعلام أو الصحافة متدرجاً من أدنى المهام إلى أكبرها حتى بلغ ما بلغ من مكانة، ويقولها بكل ثقة «أهلاً زميلي الإعلامي أو الصحفي»!

مجال الإعلام والصحافة لا يجب أن يكون ساحة مستباحة لأي شخص إلا بعد أن يدفع ثمن هذا اللقب، «الممارسة في أصل الإعلام والصحافة والتعلم والإتقان» شرط وجود الموهبة في المجال. ويجب أن يكون لوزارة الإعلام دوراً صارماً وحازماً اتجاه من ينسب نفسه للإعلام، فهي الجهة الرسمية الوحيدة في البلاد التي كلفت بوضع ضوابط والتأكد من سيرها بالشكل الصحيح، كما أن لجمعية الصحفيين دوراً لا بد أن يفعل ويشدد، في أن تحفظ حق كتابها وصحفييها من الدخلاء، وأن تدرك أن مجاملة الدخلاء إضاعة لحقوق أعضائها.

فقط سؤال لكم «ما هو شعوركم أن يأتي طالب إعلام أو كاتب في بريد القراء أو مدون في مواقع التواصل ويقول لشخصية مثل «الأستاذ أنور عبدالرحمن» أو «الأستاذة سميرة رجب» يا زميل؟ هل وصلتكم الفكرة؟