احتمال أن يكون ما قاله أمين عام «حزب إيران في لبنان» في واحدة من خطبه الأخيرة عن أن «الأمريكيين عرضوا على الحزب أموالا وسلطة وتطوير النظام السياسي لصالحنا مقابل التخلي عن قضيتنا» صحيحا، هذا ممكن، ففي العمل السياسي تتوافر أحيانا عروض وإغراءات يمكن أن تؤدي إلى صفقات تغلق ملفات وتنهي مشكلات وتحول العدو إلى صديق، ولا أحد يختلف في أن أمريكا تعمل جاهدة لضمان أمن إسرائيل واستقرارها. لكن في المقابل فإن احتمال أن يكون ما قاله نصرالله عن رفض الحزب لذلك العرض -أو العروض- غير صحيح، ممكن أيضا، ففي أمر كهذا لا يكفي النفي وقول: «لم نفعل ولن نفعل» فلعل عدم القبول هنا ناتج عن الرغبة في أن يكون العرض أفضل أو أن الضمانات لم تكن كافية أو أن الاختلاف كان في التفاصيل!

في السياق نفسه لا يستبعد أن يكون هذا الذي قاله نصرالله ليلة العاشر من محرم وأقحمه في خطبته إقحاما رسالة إلى ترامب الذي يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية، مفادها أنه إن كانت لديكم عروض من هذا القبيل فقدموها الآن لندرسها ونقرر، فبإمكاننا أن نسهم في توليكم فترة رئاسية أخرى كما ترغبون!

كواليس العمل السياسي مليئة بالغرائب والعجائب، لهذا ينبغي ألا يؤخذ كلام نصرالله على أنه الحقيقة. يكفي للرد عليه الإشارة إلى أن هذا الحزب يوجه أعضاءه والمهووسين به من ساكني مناطق معينة في لبنان لانتخاب مترشحين للمجلس النيابي ليسوا من مذهب الحزب، وليسوا من دينه، بسبب صفقة يرى قادته أنها في صالحه. ولأن الناخبين هنا محكومون -كونهم حزبيين وموالين ومهووسين- لذا فإنهم يتوجهون إلى الصناديق ليختاروا من لا يعرفونه. يفعلون ذلك رغم شعورهم بأنه لا ينقصهم في تنفيذهم لهذا التوجيه سوى حبل يلف حول رقبتهم.

قراءة ما بين سطور وأقوال حسن نصرالله تعين على تبين واستيعاب رسائل هذا الحزب وكواليسه وصفقاته.