تكشف التغيرات السياسية المتسارعة عقول الكثيرين من المحسوبين على التيارات المتشدقة بالإسلام ووهن تصريحاتهم وخطاباتهم التي تحولت من الإسلام الوسطي كما كانوا يدعون إلى أقرب ما تكون إلى الراديكالية.

هذا التحول كشف عن الوجه القبيح والحقيقي لأولئك المتمصلحين من حالة اللاحرب واللاسلام، حيث استغلوا تلك الحالة في زيادة أرصدتهم البنكية من خلال دعم الدول لهم والتي كانت تحاول الوصول عن طريق ذلك الدعم إلى مبدأ السلام الشامل والعادل والهدوء والطمأنينة لكل الأطراف، كما تحول البعض منهم إلى تجار ولكن من نوع آخر، تاجروا بالقلوب والعقول، واستغلوا القضايا التي تلامس مشاعر الجميع لأهداف شخصية بحتة، وعندما قلبت الطاولة على أهدافهم اتجهوا إلى دغدغة المشاعر، واستغلوا العاطفة كسلاح ربما يكون الأخير لتحريك الشعوب بعد فشل خريفهم قبل عدة سنوات.

المشهد السياسي بات واضحاً لمن يريد الحلول العادلة، وذات المشهد يعمل أولئك الحزبيون إلى تعقيده باستحضار الماضي للوصول إلى مكاسب شخصية أكثر، وكلما باتت الحلول أكثر وضوحاً وقرباً حاولوا مجدداً خلط الأوراق واستخدام مكائنهم الإعلامية تارة والمناوشات الطفولية عبر أذرعتهم العسكرية تارة أخرى، حتى ورقة الإرهاب حركوها دون استحياء أو خجل، فاجتماع حركة الحماس بعدد من الإرهابيين الذي يعملون ضد البحرين لا ينطبق عليها غير وصف واحد، وهو إن أنت أكرم الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا، فهم لم يتمردوا وحسب، بل أصبحوا كالمسعورين يتحركون بلا عقل أو منطق، فقاداتهم في إيران مشغولون بوضعهم الداخلي الذي قارب على الانهيار، ورفقاء الإرهاب في الجنوب اللبناني في وضع داخلي لا يحسدون عليه، والحوثيون مجرد ورقة في مهب الريح لا تسمن ولا تغني من جوع وبحاجة إلى من يرويهم وينقذهم، أما الأتراك الحالمون بعودة سلاطنة ذاك الزمان فأحلامهم تحولت إلى كوابيس بدءاً من ليبيا ومروراً إلى الدول التي تخوض في وحلها مثل سوريا والآن أذربيجان وأرمينيا.

يوماً بعد يوم تتكشف ملامح التحزب البغيض وكيف أن المصالح الشخصية بالإضافة إلى مصلحة الحزب تأتي فوق كل اعتبار، اعتبار الوطنية وحرمة الدم والنفوس البريئة وحماية الأوطان.

يوماً ما سيحدثنا التاريخ وشواهد العصر على مدى فظاعة الحزبيين، وتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء ودورهم في خراب الدول والأوطان.