من سمات المرأة الإخلاص في العمل والتفاني فيه أكثر من الرجل هذا رأي شخصي وليس علمياً، وأعتقد أن ذلك يعود إلى أن المرأة عليها أن تثبت دوماً للآخرين أنها جديرة بالثقة وقادرة على ما يقوم به الرجل مما يدفعها لمضاعفة الجهد عنه.

هذه المقدمة استلهمتها من إيميلات هيلاري كلينتون لأنها كشفت عن جهد جبار بذلته هذه السيدة والسيدة التي سبقتها في إنجاز مهمتهما التي كلفتا بها وهي إسقاط أنظمة الدول العربية، جهد أشك أن الرجل قادر عليه، بغض النظر عن طبيعة المهمة.

فمنذ تصريحات كونداليسا رايس وزيرة الخارجية في عهد بوش الابن حين تحدثت عن الفوضى الخلاقة إلى أن سلمت الحقيبة لهيلاري كلينتون عام 2009 عملت كوندليسا على تهيئة المسرح جهزت الممثلين والمؤدين في اليمن والبحرين ومصر وسوريا وليبيا وتونس وأسست لهم معاهد التدريب وكليات التغيير وأعطت توجيهاتها لممول المسرحية، حتى إذا ما غادرت المنصب سلمت السيدة التي تلتها زمام المهمة، والحق يقال فقد أدت السيدة الأخرى وهي هيلاري مهمتها باجتهاد منقطع النظير كسابقتها فلم تترك الكرسي إلا وقد سقطت ليبيا وسوريا واليمن وتونس واجتهدت بشدة في مصر والبحرين لكنها في هاتين الدولتين فشلت لذلك كان غيظها كبيراً أفقدها كياستها وأصول وأعراف الدبلوماسية حسبما جاء في إيميلاتها، ولكن فشلها في هاتين الدولتين لا يقلل من نجاحها في الدول الأخرى.

هذه الرسائل أبرزت نشاط هذه السيدة المحموم عام 2011 والذي تفوقت فيه على سابقتها بل وتفوقت فيه على كبر سنها، حيث لم تكتفِ في أحيان كثيرة بالتراسل بل طارت إلى مواقع الخراب بنفسها كي تتأكد وتضمن أفضل النتائج!

فإحدى رسائلها بينت كيف نزلت الميدان بنفسها في صنعاء في يناير 2011 والتقت بتوكل كرمان في السفارة الأمريكية وحثتها على نزع النقاب والبقية سيتولاها الإعلام الأمريكي ووسائل التواصل الاجتماعي.

ورسالة أخرى بينت إشرافها المباشر على التحضير لمرحلة ما بعد حسني مبارك وسعادتها بتولي الإخوان الحكم واتصالاتها -بمصدر على الأرض- حسب ما ورد في أحد إيميلاتها يبين لها وضع الإخوان والجيش المصري.

أما رسائلها الخاصة بالبحرين فبينت محاولاتها المستميتة والخالية من أي دبلوماسية لمنع السعودية والإمارات من مساعدة البحرين في مواجهة الإرهاب الإيراني بل وتهديدها للأمير سعود الفيصل ولعبدالله بن زايد، فلم تكتفِ بلقاءاتها مع أعضاء جمعية الوفاق وإرسال مبعوثيها الذين كانوا يحضرون البحرين بجولات مكوكية لمساعدتهم على إسقاط الحكم وهي تعلم علم اليقين علاقتهم بإيران بمعنى أنها كانت ستسلم البحرين لإيران على طبق من ذهب لم تيأس حتى بعد دخول درع الجزيرة كان لديها أمل فكشفت إحدى رسائلها تدخلها السافر في عمل لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الملك حمد بن عيسى، هذه السيدة تذهب إلى أبعد من المتوقع.

بعض المهات كانت لا تحتاج لجهد كبير يكفيها أن تعطي الأمر وينفذ دون معارضة كحالها مع النظام القطري، كانت تكتفي بمساعديها يأمرون حمد بن خليفة أين يصدر الشيك وهو ينفذ دون سؤال.

حقيقة لا يمكننا أن نبخس جهد هذه السيدة ونشاطها وحراكها الأخطبوطي بين مصر والبحرين وليبيا حيث قتل سفيرها ولم تبالِ به وواصلت تضليل الرأي العام الأمريكي والدولي ومحاولاتها للتغطية المستمرة على إرهاب إيران ومساعدتها لرئيسها على التغاضي عن خطوطه الحمراء في سوريا والتعتيم على نتائج التحقيق في استخدام بشار الأسد مواد كيميائية في قتل شعبه، هذه جهود جبارة لإثبات الجدارة والاستحقاق لا يفعلها عادة إلا من يشكك في قدراتهم فيذهبون إلى أبعد وأقصى مدى بلا تردد.

الخلاصة هل تعتقدون أن تكليف نساء لهذه المهام الصعبة كان عشوائياً أو تلقائياً؟

أرجو أن لا يفسر سؤالي على أن المرأة تقبل من أن تتولى مهام قذرة كالتي قامت به هاتان السيدتان ونتج عنها ملايين القتلى والجرحى وتشرد مثلهم سؤالي هل تم اختيار سيدتين لأن الأمر يحتاج إلى من يملك قدرة على التفاني والإخلاص للمهمة ومستعد لتخطي حدود المتوقع كي يثبت قدراته .. أم أن سؤالي شطحات خيالية؟!!