وليد صبري




* د.ابتسام الكتبي: الاستثمار في البنى التحتية الصحية أمن قومي


* التبعات الاقتصادية لأزمة "كورونا" ستستمر لما بعد 2021

* د. محمد بن حمو: الإرهاب والجريمة الدولية العابرة للحدود و"كورونا" استفادت من العولمة

* "كورونا" ولدت أزمات جديدة وقرعت أجراس الإنذار لتهديدات أخطر

* د. سعود السرحان: مراكز الأبحاث فشلت في التنبؤ بأزمة "كورونا"

* مراكز الأبحاث لم تقدم سيناريوهات موثوقة للأحداث

* سامي بن جنات: علينا الانتقال من المستقبل المأمول والمرغوب إلى تسييد مستقبل مستدام قابل للتحقق

مراكز الأبحاث البوصلة الاستراتيجية لصانع القرار ومنفذه

أكد خبراء ومختصون ومتحدثون في منتدى "دراسات" الثالث، الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" على مدار 3 أيام ويستمر حتى اليوم، حول "دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية لمحاربة جائحة كورونا"، أن "الاستثمار في البنى التحتية الصحية أمن قومي"، مشيرين إلى "الدور الكبير الذي تضطلع به مراكز الفكر والأبحاث في دعم صناع القرار"، مشددين على "ضرورة تحويل المعرفة العلمية والطبية المتخصصة إلى سياسات وتوصيات وخطط عملية قابلة للتخطيط من أجل السيطرة على جائحة كورونا (كوفيد19)، ولذلك، على مراكز الأبحاث استشراف المستقبل من أجل الاستعداد لمواجهة الجائحات والوبائيات".

وأدار الجلسة النقاشية الثانية في اليوم الثاني للمنتدى، بعنوان "كيفية تعامل مراكز الفكر مع تحديات ما بعد الجائحة"، مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية والدولية بمركز "دراسات"، د. أشرف كشك، حيث جاء المحور الأول بعنوان "دور المراكز الفكرية في دعم المساهمة المجتمعية لتجاوز تداعيات جائحة كورونا: التحديات والأولويات"، وتحدث فيه كل من رئيس مركز الإمارات للسياسات بدولة الإمارات العربية المتحدة، د. ابتسام الكتبي، ورئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بالمغرب، د. محمد بن حمو، في حين كان عنوان المحور الثاني حول "مناهج البحث المختلفة وآثارها على المجتمع: أسس البحث"، وتحدث فيه امين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالسعودية، د. سعود السرحان، ومدير عام المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بتونس، د. سامي بن جنات.

من جانبها، قالت د. ابتسام الكتبي إن "هناك 3 عناصر أساسية تقوم عليها إدارة واحتواء تداعيات جائحة كورونا (كوفيد19)، هي، الحوكمة الرشيدة، والاستعداد الكافي من خلال التخطيط والمعرفة العلمية الصحيحة التي يقدمها الخبراء والعلماء والطواقم الطبية ومراكز التفكير والاستشارات وتبثها باحترافية وسائل الإعلام، والوعي المجتمعي من ناحية الالتزام بالإرشادات والإجراءات الاحترازية".

ونوهت إلى أن "الدور الكبير لمراكز الفكر والأبحاث في دعم صناع القرار ولابد من تحويل المعرفة العلمية والطبية المتخصصة إلى سياسات وتوصيات وخطط عملية قابلة للتخطيط".

وأوضحت أنه "على مستوى المساهمة المجتمعية، فإن وسائل الإعلام والنخب والمتطوعين وشركات الاتصالات لعبت دوراً مسانداً لعمل الحكومات الخليجية في الاستجابة الجيدة لمواجهة الوباء وتوعية المواطنين والمقيمين".

وشددت على أن "هناك تحديات أمام الدول فيما يتعلق بالوباء"، مشددة على "ضرورة رفع مستوى الجاهزية، وبناء القدرات للتعامل مع الأوبئة العالمية، وتخصيص المزيد من الموارد والاستثمارات في البنى التحتية الصحية لأنها مسألة أمن قومي، وتحليل وجمع البيانات وهذا ما تسهم به مراكز البحث المحترفة".

ونوهت إلى "ضرورة تعزيز المرونة الصحية من خلال التركيز على الرعاية الأساسية والفئات الأكثرهشاشة صحيا".

وحذرت من أنه "بالرغم من تطوير اللقاحات خلال الفترة المقبلة، فإن هناك تحدي بشأن فعالية هذه اللقاحات ومن ثم توفيرها على المستوى العالمي وفي كل الأحوال سيمتد تأثير الوباء إلى 2021 ولذلك لابد من توعية المجتمعات".

وذكرت أن "الأزمة أظهرت ضعفا في قطاعات الطب النفسي وقطاع التعليم والاكتئاب والعزل، لذلك لابد من تطوير قطاعات مؤهلة للاستجابة باحتراف، ومن المهم في مراكز التفكير تطوير عملها وأن تضع السياسات الصحية والتأثير البيولوجي في إطار الحوكمة، ومن هنا نحن نحتاج إلى مراكز متخصصة في السياسة الصحية".

وأشارت إلى أن "أزمة كورونا تستلزم أماكن آمنة للأطفال والاستثمار في البنية التحتية الصحية، ولابد من تطوير الحضانات والمرافق المدرسية والجامعات".

وقالت إنه "على مراكز البحث أن تعيد توجيه بعض أولوياتها في تطوير استراتيجيات وسياسات حكومية لكي تستجيب لهذه الأفكار، وأن تدعم صناع القرار سواء في السياسات الداخلية أو الاجتماعية أو الأمنية أو على مستوى العلاقات الدولية والسياسة الخارجية".

ونوهت إلى أنه "على مراكز الابحاث الاعتراف بأن تفشي كورونا (كوفيد19) كشف عن ثغرات في أنظمة الرعاية الصحية في العالم، لكن في الوقت ذاته، كانت هناك جوانب إيجابية مثل التكنولوجيا في الرعاية الصحية والابتكار".

وقالت د. ابتسام الكتبي إنه "إذا كانت الجائحة قد كشفت عن محدودية أنظمتنا الصحية، إلا أنها أجبرتنا على استخدام التكنولوجيا والخبرات الجديدة ولذلك ينبغي أن تعيد توجيه مؤسساتنا العامة والخاصة".

وشددت على ضرورة "إعادة ترتيب أولوياتنا والبيئة التي نتجت عن الجائحة والتعامل بمرونة مع تأثيرات الجائحة وهذا جزء لملامسة التحديات بشكل أكثر عمقاً وموضوعية وشمولية". وأشارت إلى أن "التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا سوف تستمر لما بعد عام 2021".

وأوضحت رئيس مركز الإمارات للسياسات أنه "يجب أن نخرج من مفهوم الأمن الضيق إلى مفهوم الأمن الشامل الذي يحتوي العديد من المفاهيم، ولابد من إعادة تغيير مفهوم الأمن الوطني للدول". ونوهت إلى "ضرورة توجيه الموارد نحو البحث العلمي، وهذا يعطي الاستقلالية وعدم الاعتماد على الآخرين". وأوضحت أننا "بحاجة إلى مراكز متخصصة في التأهيل النفسي، كما أن تطوير الرقمنة أمر ضروري في إطار المنافسة ما بين الدول".

من جهته، قال د. محمد بن حمو إن "علينا أن ندرك أن المستقبل لن يكون امتداداً للحاضر وهذا معطى أساسي ينبغي أن يكون حاضرا لدينا، وهناك اعتقاد لدى البعض أننا نعود إلى ما كنا عليه، والعكس، نحن أمام مرحلة سوف تستوجب ضرورة تغيير العقليات والمناهج والأولويات التي عملنا بها كمجتمعات وتغيير الأولويات".

وذكر أننا "نلاحظ عودة الدولة بأدوار جديدة وبمهام جديدة لأن العولمة قد جعلت أدوار الدولة تتآكل، وإذا كان من متضرر من هذا الوباء فهي العولمة وإن كان من مستفيد من هذا الوباء فهو الوباء نفسه، لأن الوباء أصبح معولما وكل أنواع التهديدات التي تخرج عن نطاق السيطرة وتستفيد بشكل كبير من العولمة".

ولفت إلى أن "الإرهاب والجريمة الدولية العابرة للحدود وكورونا استفادت من العولمة".

وذكر د. بن حمو أن "الازمة ولدت أزمات جديدة وقرعت أجراس الإنذار لتهديدات أخطر مثل الحروب البيولوجية".

وأشار إلى أن "الأزمة أوضحت دور الحكومات وما تتمتع به كل حكومة من بنية تحتية متميزة".

وذكر أن "الشعار الذي سوف يطغى مستقبلا هو كيف يمكن أن نفكر بشكل شمولي، لذلك لابد أن يكون لدينا سيادة رقمية وأن ننغمس في التكنولوجيا بشكل كبير داخل مجتماعاتنا"، داعيا إلى "ضرورة استغلال أزمة كورونا".

وتطرق رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية إلى "فكرة التعاون الداخلي أو المساعدة الداخلية" معتبرا أنها "مهمة جداً، وينبغي أن نتجاوز هذا الأمر وألا ننتظر أزمات وحروب حتى تظهر لنا أننا نعطل نصف مجتمعنا وأن نقصي المرأة من دور نحن بحاجة كبيرة إليه وبالتالي حان الوقت لتأخذ المرأة مكانتها الكاملة بمناصفة كاملة، بناء على الكفاءة والاستحقاق، لذلك حان الوقت أن نستفيد من قدرات المرأة".

وأشار إلى أن "على مراكز التفكير أن تلعب دورا في دراسة وتقديم كل ما هو استباقي أو مستقبلي وتطوير النظريات ومتابعة كل التحولات التي يعرفها العالم، وقد حان الوقت أن نعطي للبحث العلمي دوره على كافة المستويات ولكن على جميع المستويات وما يستحقه داخل دولنا ومجتمعاتنا، ولابد من استعادة الأدمغة وتوفير الإمكانيات المادية والمعنوية خلال مرحلة الشهور والسنوات المقبلة".

من جانبه، أكد د. سعود السرحان أن "مراكز الأبحاث فشلت في التنبؤ بأزمة كورونا، ولم تعد تقدم سيناريوهات موثوقة للأحداث، لذلك فإن عليها، أن تفكر في الدراسات الاستشرافية والمستقبلية مثل التغيير الديمغرافي والأوبئة مثل حمى الوادي المتصدع وإيبولا وسارس وكورونا (كوفيد19)، كما أنه على مراكز الأبحاث أن تفكر في العمل الميداني وأن تسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المعلومات في تقاريرها، لكنها في المقابل نجحت في مسألة التعامل المباشر مع الجائحة".

وقال إن "مجموعات الفكر التابعة لمجموعة العشرين ومراكز الأبحاث في السعودية تمكنت من تقديم 11 مساراً بحثياً فيما يتعلق بقمة مجموعة العشرين التي استضافتها السعودية، وتم تقديم 146 ورقة سياسات، وشارك فيها 606 من المؤلفين، من 438 مركز أبحاث وجامعة حول العالم، من 55 دولة، وعقدت أكثر من 25 ندوة أو فعالية إلكترونية".

ونوه إلى "ضرورة أن تكون مراكز الأبحاث على مستوى الحدث، وبالتوازي مع ذلك لابد أن يكون لديها مشروعها على المدى البعيد، كما أن العمل الميداني مهم بالنسبة لمراكز الدراسات حتى تلبي التحديات التي تواجهها الدول".

من جهته، استعرض سامي بن جنات، تجربة تونس في التعامل مع أزمة "كورونا"، وتحدث عن "فكرة الواقعية في العمل خاصة لدى مراكز الدراسات والبحوث"، منوها إلى "ضرورة مراحل التعامل مع الأزمات ووضع برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي مع ضرورة التفكير في الإصلاحات الكبرى والتركيز على منهج الاستشراف الاستراتيجي للأزمات، مع الإشارة إلى الفكر الإبداعي وما تحتاجه دولنا العربية".

ورأى أن "مراكز الأبحاث والدراسات أضحت تمثل البوصلة الاستراتيجية لصانع القرار وصانع السياسات والمنفذ عموما".

وشدد على "ضرورة تحصين مجتماعتنا من كل الأزمات المستقبلية"، مشيرا إلى أننا "في دولنا العربية نحن بحاجة إلى الانتقال من المستقبل المأمول والمرغوب إلى تسييد المستقبل المستدام القابل للتحقق، قادر على استباق الأزمات، وقراءتها، وتجاوزها".