لا تتكلم بالسياسة، بل ابتعد عنها حتى ولو درست العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلمات تتكرر في دول القمع السياسي، وفي وقت سابق كنا نتبنى أن من يجيب على السؤال السياسي وعلاقات الدول هم الرسميون فقط، وهم أصحاب الآراء الفاصلة، فنهرب وكأن السؤال لا يعنينا. لكن مما يسر الخاطر أن الشعوب الخليجية صار زادها السياسة والعلاقات الدولية، ربما لأن أمن الخليج شاغل العالم كله، وربما لأن حكوماتنا لا تمانع في ذلك بدليل وجود معهد التنمية السياسية في بعض عواصم الخليج. لكن الغريب أن يتحاشى السياسة من بدأ يافعاً كناشط سياسي ثم تحول إلى مرشح ليشرع كنائب القوانين ويراقب تنفيذ السياسة العامة للدولة وعلاقاتها الخارجية.

وبما أن خير الأمور أقربها، فقد لاحظنا غياب العلاقات الدولية عن برامج مرشحي البرلمان الكويتي الذي سيتم الاقتراع لدورته الجديدة بعد أيام. ومن المؤكد أن تاريخ دولة ما هو فى الوقت نفسه جزء من تاريخ الدولة المجاورة، ورغم ذلك نلاحظ تهميش أي دور يمكن أن يلعبه البرلماني في مجال الدبلوماسية، أو إدارة العلاقات الخارجية للدولة. فهناك غياب للبعد الخليجي عن برامج المرشحين في أهم القضايا كالعلاقة مع إيران وقضية الشرق الأوسط، والخلافات الخليجية، ولا نعلم كيف غاب إدراك أن للبرلمان وظائف دبلوماسية عدة تساعد الدول على إدارة أفضل وأكثر فاعلية لعلاقاتها الخارجية، فأهمية الدبلوماسية البرلمانية parliamentary diplomacy جعلتها مجالاً مهماً في حقل دراسات العلاقات الدولية. كما أن هناك الدبلوماسية الشعبية Public Diplomacy التي تشرح وتبرر سياسات الدولة لشعوب الدول الأخرى، فالبرلمانيون يمكنهم القيام بالدور اللازم في التواصل مع دوائر التأثير داخل المجتمعات الأخرى. وخلق شبكات تأثير متعددة مع برلمان دولة ذات أهمية، أو في التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية التي لها قوة الضغط والتأثير lobbying عبر القنوات الصحيحة.

* بالعجمي الفصيح:

لا تحتاج الدول لمزيد من الدبلوماسيين المفوهين أو رؤساء البعثات ذوي الأناقة أو حتى المستشار السياسي المعتق. فالعلاقات الدولية المستقبلية الناجحة يضعها الاستراتيجي Strategist المدرك لكيفية بناء القوة الشاملة للدولة، والبرلماني الذي يحرص على حسن تنفيذها.

* كاتب وأكاديمي كويتي