ها قد عاد شهر رمضان الكريم، بعد أن ودعناه في الأمس القريب، وكنا نظن أننا سنستقبله هذا العام وقد انتصرنا على فيروس هدد العالم بأسره إنه «فيروس كورونا»، فنقضي ليالي رمضان كما تعودنا في تجمعات جميلة سواء تجمعات لأداء الصلوات أو لسماع المحاضرات الدينية أو تجمعات صلة الرحم والترابط الاجتماعي فنتسامر ونقضي وقتاً ممتعاً مع الأهل والأحبة.

عاد شهر رمضان ومازلنا نواصل صراعنا ونواصل صولاتنا وجولاتنا مع هذا الفيروس العنيد. لقد صبغ فيروس كورونا حياتنا في هذا الشهر الفضيل بصبغة مختلفة، فافتقدنا العبادات الجماعية، مثل صلوات الجماعة في المساجد وخاصة صلاة التراويح، والاعتكاف الجماعي وخاصة في ليلة القدر، وكذلك إقامة موائد الإفطار الجماعية التي كانت تقام في ساحات المساجد، وجميعنا يعلم فضل تقديم الإفطار للصائمين فهو يدخل في باب الأعمال الصالحة والصدقات التي يثاب عليها المسلم. إلا أنه في زمن «كورونا» توقفت تلك الموائد التي يسميها البعض موائد الرحمن، فقد كان الناس يتسابقون على إعمار هذه الموائد بتوفير الطعام والشراب، من تمر وفواكه، وأطباق رئيسية، وهو باب من أبواب الأجر والثواب، إلا أن هذه الموائد توقفت في رمضان، وكم تألم الصائمون الذين كانوا يسعدون بتقديم إفطار للصائمين، والصائمون الذين يسعدون بالإفطار على هذه الموائد.

وجميعنا يعلم أن الفئة التي تحضر تلك الموائد وتتناول إفطارها هم المغتربون ولا سيما العزاب الذين يفتقدون أسرهم، فالبعض يتناول إفطاره في شهر رمضان على تلك الموائد إما لأنه يعجز عن توفير الطعام المناسب والصحي والنظيف لوجبة إفطاره، أو لأنه لا يستطيع طهي الطعام لنفسه، والبعض لأنه يحتاج من يشاركه الإفطار فيتحدث معه ويسعد بصحبته ويقتل به صمت الوحدة، إلا أن هؤلاء المغتربين سيفتقدون هذه الأجواء وتلك الخدمات في رمضان هذا العام، فكم نتمنى أن يواصل المحسنون الصائمون هذا العمل الخير فيوفروا إفطاراً للصائمين من هذه الفئة، فيقدموا تلك الوجبات للعزاب المغتربين في سكنهم الذي غالباً ما يكون جماعياً. فكم أتمنى الإعلان عن أماكن سكن هؤلاء المغتربين ليتمكن الناس من توفير تلك الوجبات على أن تقدم كل وجبة مغلقة بشكل نظيف وتكون معقمة، لتسعد هذه الفئة في هذا الشهر الفضيل ونعينهم على توفير الإفطار الصحي والمناسب.. ودمتم أبناء قومي سالمين.