بات المسؤولون اللبنانيون في يومنا هذا، مناصرين داعمين ومطبقين لقانون خفيفٍ نظيفٍ خالٍ من الفذلكة والتعقيد، قانونٍ خلاصته «لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم».

كيف لا؟! وكل ما يدور ويجول من أخبار وأحداث وصرخات تصدح في أضيق الأزقة اللبنانية أو على أوسع الشوارع الفرعية والطرقات الأساسية والمؤسسات الحكومية والأهلية والمستشفيات والصيدليات والبيوت يتم نقله ومشاركته على وسائل الإعلام المرئية من جهة أو على برامج التواصل الإلكتروني من جهة أخرى والمتواجدة في هواتف الكبار والصغار والقابلة للانتشار على أوسع نطاق من دون تفرقة لبلد أو مجتمع أو دين.

الكل يتناقل ما يجري من خراب وهلاك في بلدي الحبيب لبنان، إلا المسؤولون فإنهم غير ملومين كونهم يعيشون في برج عاجٍ لا ينتمي إلى هذا الزمان. لدرجة أن كل من يقابلني فيبادرني سائلاً وباستعجاب: ماذا يدور في لبنان الذي كان يلقب سابقاً بسويسرا الشرق؟! وصرخة الشعب اللبناني كل يوم تزداد عن اليوم الذي يسبقه ولكن لا حياة لمن تنادي. صدقوني قائمة الصرخات تطول، أهي صرخة ضد الظلم أو ضد الطغيان أو ضد الميليشيات التي تسير البلاد أو ضد غلاء رغيف الخبز وارتفاع كافة السلع الغذائية أو ضد انقطاع الكهرباء والدواء أو تخزينه في أيدي المافيات؟!

صرخات حرقة ودم لانفجار يعتبر ثاني أقوى انفجار بعد قنبلة هيروشيما أو صرخة ضد المصارف وحجز أموال الناس وضياع مصيرها ومصيرهم، صرخة ضد كورونا وإقفال المحال وتوقيف الأشغال. صرخة التشريد والتهجير أو صرخة هجرة الأدمغة وعلى رأسهم الأطباء والممرضون. صرخة تهاوي الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي أو صرخة ضد تهريب المواد المدعومة. صرخة تلو الصرخة تلو الصرخة والمسؤولون مغيبون ساكنون في وادٍ عميق أو في الطائرات يتنقلون لحل أزمة هم رأس الحربة فيها وشعلة الفتيل التي ليس لها مثيل.

عندما يتحول القانون إلى آلة تعزف أوتارها على أوجاع الناس والحق تائه في الظلمات عندها ننظر للانتداب الأجنبي أنه رحمة للبلاد والعباد.