إن التطور الهائل الذي نشهده اليوم في تقنيات المعلومات والاتصالات وما نتج عنها من سيل من هواتف وتطبيقات وخدمات ذكية تؤثر وستؤثر في حياتنا وأعمالنا بصورة متواصلة. الطفرة التقنية اليوم مرتبطة بعدة عوامل منها الشبكات فائقة السرعة وإنترنت الأشياء والخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي. العلاقة الشديدة بين هذه العوامل والتفاعل والتكامل بعضها ببعض سينتج عنه تطبيقات أقرب منها إلى الخيال العلمي من أي شيء يستطيع البشر تصورها أو تخيلها، المستقبل الذي بات قريباً يحمل بين طياته وصحائفه مفاجآت من التقنيات فائقة الذكاء.

تتميز هذه التقنيات بشيء بسيط لكنه أساسي لعملية اكتساب الذكاء لدى هذه التقنيات، ألا وهو قدرة هذه الآلات والتطبيقات على التعلم. إن اقتران قدرة التعلم لدى هذه الآلات والتطبيقات مع المعالجات السريعة والقدرات التخزينية والقدرة على الاتصال سوف تقفز بالذكاء لدى هذه الآلات والتطبيقات ليتفوق على الذكاء البشري، فالسرعة الهائلة لمعالجة المعلومات والبيانات والقدرة على استخلاص الأنماط والتوقعات المستقبلية ستمكن هذه الآلات والتطبيقات من إنتاج المعرفة. وهنا تكمن نقطة تحول تاريخية أصيلة والتي سوف يختلط فيها الناتج البشري من المعرفة بالناتج من الذكاء الاصطناعي. لن تكون هذه إلا نقطة البداية، وما هي إلا ثوان معدودة في تاريخ البشر مع التقنيات «البشتقنيات» لتتفوق هذه الآلات على البشر في إنتاج المعرفة. وفي ذات اللحظة ستتحول علاقة البشر بالتقنيات من مستخدِم إلى مستخدَم. إنها مسألة لحظات لا أكثر ليتحول تاريخ «البشتقنيات» إلى تاريخ التقنيات فقط، ستتمكن هذه التقنيات من الولوج إلى عمق الدماغ البشري لبث الموجات الدماغية والسيطرة التامة ليس فقط على معرفتنا بل إلى مشاعرنا وأحاسيسنا.

هذا الوصف الأشبه بأحد أفلام سلسلة الـ «Matrix» أو الـ «Terminator» وغيرهما من أفلام الخيال العملي قد بات يؤرق الباحثين والعلماء مما حدا بهم لإعداد ثلاث قواعد رئيسة تعد هي الدستور الأول للروبوتات، هذه القواعد لا بد أن تبرمج في أعمق نقطة في ذاكرة الروبوتات بعيداً عن قدرتها على مسحها أو تغييرها.

* باحث في مجالات إنترنت المستقبل - جامعة البحرين