الصحافة، هي صاحبة الجلالة في أي دولة في العالم، وفي بعض الدول المتقدمة تعتبر السلطة الأولى التي أطاحت تاريخياً بالكثير من الزعماء وكبار المسؤولين وغيرت مسارات التاريخ والدول، فهي مرآة الحق التي تعبر عن نبض الشارع وأصل الحقائق وهي مهنة سامية ونبيلة، خاصة إن كان من يعمل فيها يراعي مسؤولياتها وأمانة القلم والنزاهة وصاحب رسالة ذات قيم ومبادئ.

يصادف اليوم الثلاثاء 3 مايو، اليوم العالمي لحرية الصحافة، كما تحتفي مملكة البحرين بيوم الصحافة البحرينية بتاريخ 7 مايو سنوياً، وبهذه المناسبة يحق لنا أن نبارك لأنفسنا ولجميع زملاء المهنة هذه المحطة السنوية الخاصة بالعائلة الصحافية، وقد اختارت منظمة الأمم المتحدة موضوع هذا العام للصحافة «العقول الحاسمة في الأوقات الحرجة: دور وسائل الإعلام في دفع عملية السلام وتعزيز المجتمعات العادلة»، وإعلان منظمة الأمم المتحدة عن هذا اليوم قد جاء من أجل التشديد على أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وقائمة على التعددية، حيث إنه شرط مسبق لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً.

عندما نأتي إلى واقعنا العربي المعاصر نجد أن هناك دوراً كبيراً لوسائل الإعلام في دفع عملية السلام التي تحتاجها الدول العربية بالذات، وما الصحافي إلا جزء من هذه العملية، بل تقع عليه المسؤولية الكبرى كونه هو صاحب الرسالة وصاحب القلم الذي ينور العقول ويضيئها نحو المعرفة والأهداف النبيلة وإرساء الأفكار النيرة التي يطرحها، وعليه في ذلك أن يراعي أن يكون صاحب مبادئ ويهتم بتعزيز اللحمة الوطنية والمسؤولية المجتمعية من خلال أطروحاته، ومن أهم المبادئ التي يجب أن يتحلى بها الصحافي أن يكون صاحب ضمير وطني حي وذا مصداقية وموضوعية.

فنحن وإن لم تصرح دولنا علانية بذلك نمر بحالة حرب في المنطقة أمام التوتر الحاصل في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، كما أننا نمر بمرحلة حرب حرجة أخرى وهي الحرب الإعلامية القائمة ومنهجية تزوير الحقائق أمام الرأي العام الدولي، لذا فما تحتاجه مجتمعاتنا اليوم هو العقول النيرة في الصحافة وأصحاب الأقلام الوطنية النظيفة التي تعزز عملية السلام وتكشف الأجندة الهادمة وتذيب الخلافات وترصد وتحذر من أي مؤشرات تعكس المخاطر التي نواجهها.

وأمام تأكيد منظمة الأمم المتحدة في كل مناسبة دولية للصحافة شرط توافر البيئة الإعلامية الحرة والمستقلة والقائمة على التعددية لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم، وعندما نأتي إلى الواقع الصحافي في مملكة البحرين فإننا أولاً نحمد الله ونشكره أنه لايزال هذا الواقع بعيداً عما نراه في دول العالم من جرائم تعذيب وسجن للصحافيين أو خطفهم وإيذائهم، فجلالة الملك حفظه الله مشكوراً قد عجل بوقاية الواقع الصحافي في البحرين من خلال توجيهاته بمنع سجن أي صحافي في مملكة البحرين، كما أن سمو رئيس الوزراء دائماً ما ينادي بالتعاون مع سلطة الصحافة في مملكة البحرين والتي تعد سلطة رابعة من الواجب احترامها وتقديرها وبذل ما من شأنه أن ييسر للصحافي تأدية واجبه المهني الذي يعد بالأصل واجباً وطنياً.

ولكن نظرة إلى السنوات الأخيرة للوقوف على الجرائم التي صنفتها الأمم المتحدة أنها جرائم ضد حرية الصحافة والتي ترتكب تجاه الصحافي، في مملكة البحرين نجد أنها تأتي دائماً بشكل غير مباشر لأجل إيذائه وعرقلة عمل الصحافي بدءاً من القضايا الكيدية التي تأتي لأجل لي ذراع قلمه ومحاولة إيقافه والتي تحتاج إلى دراسة لأجل الكشف عن عدد القضايا الكيدية المرفوعة ضد الصحافيين في مملكة البحرين حتى يومنا هذا وأسبابها والبحث في تفاصيلها، حيث من الملاحظ أنها في زيادة مما يؤكد أن هناك حاجة كما دعت منظمة الأمم المتحدة بكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة بشكل سريع ودقيق حتى نواكب التوجه العالمي في إيجاد بيئة إعلامية سليمة تمكن الصحافي من أداء رسالته الصحافية دون تهديدات.

وهناك أيضاً مسألة محاولة الضغط عليه من خلال هذه القضايا الكيدية ومحاولة استدراجه أو تهديده أو إرسال أشخاص لابتزازه، وكلها أوجه شر تشوه المسيرة الإصلاحية فيما يخص حرية الصحافة، ومن الواجب إيجاد صمام أمان يمنع تفاقمها وزيادتها. أحد المحامين الأفاضل الذي له خبرة في العمل في المجال الصحافي لفت نظرنا إلى نقطة مهمة حيث قال: هناك حاجة في مملكة البحرين اليوم إلى أن تكون هناك تشريعات خاصة بالصحافي تحميه مما يتعرض له أثناء عمله، كما أن هناك حاجة لإيجاد نقابة للصحافيين كمثل ما هو موجود في دول العالم المتقدمة يكون عملها الرئيس قائماً على ضمان حقوق الصحافي ومتابعته، خاصة أمام القضايا الكيدية التي ترفع ضده في المحاكم، فعندما يقوم الصحافي على سبيل المثال بالتطرق إلى قضية معينة يجب أن يكون هناك قانون يلزم المسؤول بالرد عليه عن طريق الصحيفة نفسها لا من خلال طرق ووسائل أخرى غير مباشرة هدفها استدراج الصحافي لإيذائه واستهدافه. نعم هناك حاجة تفرض نفسها اليوم لإيجاد تشريعات حازمة ضد من يمارسون منهجية الجرائم ضد سلطة الصحافة ويصادرون حرية الصحافة فهم مجرمون بالنهاية يحاولون عرقلة الحقائق.

وللحديث بقية.