المستقبل القريب يؤكد أن شعب قطر العربي الحر أمام مفترق طرق، ما بين الاستمرار في منهجية الصمت تجاه سياسات تنظيم الحمدين في دولة تقمع الحرية وتصادر الرأي الآخر المختلف عنها رغم رفضهم للابتعاد عن منظومة الخليج العربي، أو إعلان التأييد والتضامن لدعوات أفراد الأسرة الحاكمة من آل ثاني المنشقين عن سياسة تنظيم الحمدين التدميرية.

وبالطبع إن شعب قطر يوالي العائلة الحاكمة في قطر ويدعم وجودها، مما يعني أن المشهد الحاصل أن كثيراً من القطريين يؤيدون أن تكون العائلة الحاكمة في قطر من آل ثاني، فيما يرفضون سياسة من يقود دفتها ويتصدر واجهتها، كما أن الخيارات لدى المواطن القطري تعددت وانقسمت ما بين الاستمرار في موالاة أمير قطر ومن يحسب عليه، أو موالاة الأطراف الأخرى من العائلة الحاكمة من «آل ثاني» الذين يرفضون تغيير هوية قطر الخليجية وتحالفاتها الأخيرة مع أعداء العرب والمسلمين.

الشعب القطري الحر يرفض إعادة تشكيل التركيبة السكانية في قطر وقطع امتداده القبلي الممتد من دول الخليج العربي، وبات يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه ضحية مؤامرات تستهدف هذا الامتداد الخليجي، بالذات وأن المستقبل المجهول بالنسبة له بات مثل الفزاعة. شعب قطر يود إنهاء مسلسل الاستغلال الجاري له واستغلال اسمه لزجه في صراعات نظامه مع دول يكن لها كل الولاء، والحب والاحترام والتقدير لقياداتها التي يعتبرها مثل قادته، شعب قطر وضع في واجهة تنظيم الحمدين كدرع يقيهم ويستخدم كورقة سياسية في مواجهات هذا التنظيم مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، فالشعب القطري اليوم مستهدف ومخترق ولم يعد بإمكانه الاستمرار في هذه الألعاب غير المسؤولة والتي لا تراعي كرامته واحترامه.

بيان الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني الذي دعم بيان الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني حفيد حاكم قطر السابق لم يكن بياناً بقدر ما كان خارطة طريق تحتاج قطر العمل عليها اليوم لأجل أن تعود إلى عمقها الخليجي والعربي. الرأي العام العربي يومها لم يسمع بياناً ولا كلمات صادرة من أحد أبناء الأسرة الحاكمة في قطر، إنما استمع لأهم المبادئ والأعراف وواجبات الأخوة التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي وإحدى بنود مسودة مشروع الاتحاد الخليجي.

كلمة الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني كانت نارية وأكثر جرأة في كشف موقف أهل قطر الحقيقي، وجاءت تلبية لما انتظر سماعه كل خليجي وعربي منذ بداية الأزمة ومنذ «الربيع العربي» المدمر الذي قاده تنظيم الحمدين بالمنطقة. الشيخ سلطان قال «أخشى يوماً لا يذكر فيه قطري إلا وكان الارتباط الإرهابي به ثابتاً....(...).....»، والحق أن هذا الهاجس هو هاجس غالبية الشعب الخليجي والعربي الذي يرفض أن يدنس اسم القطريين أمام دول العالم وتلصق بهم تهم الإرهاب والتطرف والعنصرية وأنهم من الشعوب الحاضنة للإرهابيين والخلايا الإرهابية.

الشيخ سلطان شدد على أن الوضع صعب ولم يسبق لأهلنا في الخليج وأشقائنا العرب أن نبذونا هذا النبذ بسبب أخطاء فادحة في حقهم، ولعل ما قاله بجرأة وشجاعة يكشف أن قطر تصنيفها اليوم مستعمرة إرهابية، وأنه حان الوقت لكي يتكلم عقلاء قطر وينتشلونها من هذا الوحل والتي رموها فيه أعداؤها وأعداء العرب والمسلمين وكي يبرزوا مواقفها الرافضة لمحو هوية قطر العربية. الشيخ سلطان كان يتكلم بالهوية الحقيقية للقطري المرتبط بامتداده الخليجي، وهو ما لم نسمعه منذ بداية الأزمة من أي متحدث في واجهة قطر الإعلامية والدبلوماسية والسياسية، فقد كانت الحماقة والتخبط والتناقض هي أسياد المواقف!

بيان الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني والشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، يؤكد أن كثيراً من أبناء العائلة الحاكمة في قطر ليسوا مع أجندة تنظيم الحمدين التي تهدف إلى إبعاد قطر عن عمقها العربي، كما يعكس مدى ديكتاتورية تنظيم الحمدين وتهميشه لعقلاء العائلة الحاكمة في قطر، واستبداده لقيادة دفة قطر دون مراعاة المصلحة العامة، ويعكس إلغاءه للغة الحوار والرأي والرأي الآخر، وابتعاده عن منهجية الشورى التي تأتي مما دعا إليه ديننا الحنيف. مما يتضح لنا أن المستعمر في قطر ليس أجنبياً بل إرهابياً دعم بالبقاء على أرض قطر والتكسب من ثرواتها ونهبها وحظي بالجنسية القطرية. هناك استعمار إرهابي يقوده الدخلاء على شعب قطر ومن أرضها، عكس سيناريو الاستعمارات الأجنبية التي شهدها العربي على أرض بلاده، فالمستعمر الأجنبي غالباً ما يسعى إلى تأسيس طموحه الاستعماري على أرض الوطن الذي استعمره والاكتفاء بنهب ثرواته، فيما مستعمرو قطر جعلوا من قطر منصة لضرب أشقائها وإخوتها وبوابة التسلسل إليهم إرهابيا ودعم الإرهاب العالمي!

قطر المستعمرة إرهابياً باختصار تحتاج اليوم إلى حكمة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني ودبلوماسية الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني والمزيد من عقلاء العائلة الحاكمة وقادة الرأي من شعب قطر للخروج من أزمة السقوط في الهاوية.