فيما يخص الشأن الفلسطيني.. ثلاث قضايا شغلت الرأي العام البحريني وجددت إحياء القضية الفلسطينية هذه الفترة.. تلك القضية التي شهدت أزماتها أجيال ورحلت بعد أن قطفها الموت ولاتزال حقوق الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة لم تعود إلى شعب سلبت أرضه أمام مرأى ومسمع العالم كله لتقام عليها دولة أخرى غير شرعية تدعى إسرائيل!

لربما نحن جيل الثمانينات «جيل الطيبين كما يقال»، الجيل المحظوظ نوعاً ما بالتعرف على هذه القضية، فأيامها كان الإعلام العربي من وسائل تلفزيون ومحطات محلية وجرائد ومجلات «كانت صحافة المجلات من أقوى أنواع الصحافة في ذلك الزمن ومن ثم المنتديات والمدونات التي تعتبر السائدة لدى جيل الثمانينات الناشئ»، جميعه قومي الاتجاه وكانت قضية فلسطين هي المحور الأساسي لقضايا العرب التي تتداول بكثافة وكثرة وكان «الحلم العربي» حلم كل شباب الأوطان العربية في أن نتحد وتبزغ شمس الوحدة العربية وأن يكون هناك مجلس التعاون العربي مثلما هناك مجلس التعاون الخليجي، بل كثير من أجيالنا هذه كان يحلم بأن يأتي استرداد حقوق فلسطين على يدها بجهادها ضد العدو الصهيوني والحرب على هذه الدولة اللقيطة وكانت قصة الشهيد الطفل محمد الدرة هي المتصدرة أيامها وهي من أشعلت الحمية العربية لدى الشعوب العربية وحركت أمواج الحراك المدني والمؤسسي في المجتمعات، كما راحت معظم المدارس في كافة المراحل الدراسية بتنظيم الفعاليات ومعارض الرسم والتلوين وتشجيع الطلاب على إلقاء القصائد وتسجيل الكتابات والقصص عن فلسطين، قبل أن نبدأ بنكبة اختطاف عملاء إيران لعدد من الدول العربية، كلبنان والعراق وسوريا ومن ثم محاولات زعزعة أمن واستقرار دول الخليج العربي حتى تقزمت الأمنيات كثيراً، فما عدنا نرى إلا أنفسنا وما عدنا نلتفت إلا لقضايانا المحلية وشؤوننا الأمنية الداخلية.

كل عربي يدرك أن أمريكا مهما كانت لها تحالفات مع دولنا وعلاقات قوية إلا أن من يأمن لها كمن يأمن للبحر المتقلبة أحواله دائماً.. أمريكا التي ينخر في كيانها دولة الصهاينة، محال ألا تحقق حلم الصهاينة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالكامل وبناء ما يسمى بـ»هيكل سليمان» مكان المسجد الأقصى الشريف.

كعرب، لا نريد بهرجة كلامية ولا بيانات إنشائية تشبعت الروح من الإحساس بها دون حراك حقيقي وموقف يأتي على أرضية ثابتة كما نتمنى ممن امتهن ظاهرة الفرقعات الإعلامية واستعراض العضلات الكلامية والركوب على موجة القضايا للتكسب الشخصي سواء من جمعيات أهلية أو منظمات إرهابية كـ»حزب الله» في لبنان أو مؤسسات معينة في المجتمع المدني، فيما على أرض الواقع هي ذات اتجاه سياسي يوالي أعداء العرب والمسلمين أن يصمتوا فيكفي فلسطين جروحاً مخزية وخذلاناً عربياً.

الدور اليوم أمام الدول العربية كافة بدءاً من الجامعة العربية إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من خلال الضغط على أمريكا واتخاذ تحركات رسمية وقانونية عالية المستوى لأجل أن تحيد عن تطبيق هذا الإعلان غير الشرعي، خاصة الفيتو الأمريكي، فالقدس عربية والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية ولن تكون يوماً إلا لفلسطين.

قضية أخرى نود التطرق لها وهي مسألة تطبيل الكثير من الجماعات لدينا في دول الخليج العربي للنظام التركي وتغاضيهم عن أن قضية القدس ليست عربية الشأن فحسب إنما هي قضية إسلامية، فالقدس عربية، والمسجد الأقصى، ثالث الحرمين الشريفين، ومن يحاول التصيد في الماء العكر واستغلال القضايا لضرب الخليج وتشويه صورته ومكانته لدى العرب والمسلمين رغم كل ما أنجزه للشعب الفلسطيني، فهو جاحد وناكر للتاريخ السعودي مع فلسطين، وليهاجم قبلها الدول التي لها علاقات مع إسرائيل، وبينهم تركيا، فأمة لا إله إلا الله ليست في السعودية فقط إنما أيضاً في دولة أردوغان التي تعتبر ثاني أكبر دولة إسلامية من بعد إيران تعترف بالكيان غير الشرعي «إسرائيل» وبينها وبين الأخيرة، تبادل تجاري بنحو 4 مليار دولار سنوياً. وفي أبريل الماضي 2017 أرسلت أنقرة بعثة تجارية لإسرائيل تعد الأكبر من نوعها حيث شارك 100 ممثل عن شركات تركية من قطاعات أعمال مختلفة لهدف تأسيس تعاون اقتصادي واسع، في الوقت الذي تسعى فيه السعودية دائماً إلى حل ملف الدولة الفلسطينية ودعم إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، نجد أن تركيا تخطو خطوات سريعة نحو تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي وافهم يا فهيم وصح النوم يا عرب! وللحديث بقية.