يشكل الإعلام أحد أهم الأعمدة الهامة في الدول، وهو في رأيي المتواضع يعتبر «مدفعية ناعمة» حيث بات الإعلام بقنواته المتنوعة يمثل أحد أذرع الدفاع عن الأوطان، لا سيما بعدما أن شاهدنا بأم أعيننا تأثير وسائل الإعلام في المشهد السياسي في العديد من الدول حول العالم، حيث باتت عدد من الدول حول العالم تشن حروباً إعلامية عبر «قنوات فضائية» ووسائط إعلامية متنوعة أخص بالذكر منها «شبكات التواصل الاجتماعي». ولهذا أصبحت الدول الواعية تسلح أبناءها وتثقفهم بأهمية وضرورة الاستخدام الأمثل لهذه «الأسلحة الناعمة» عبر سن التشريعات الإعلامية، وعبر تثقيف ونشر التوعية لمستخدمي وسائل الإعلام، وعبر تدريب الطاقات الإعلامية حتى تخلق جيلاً واعياً ومثقفاً بآليات الإرسال والاستقبال الحديثة في عالم الإعلام المفتوح.

فالإعلام التقليدي والمتمثل في «التلفزيون والإذاعة والصحافة» هو إعلام راسخ وله تأثيرات كبيرة لا تقل عن الإعلام الحديث المتمثل في الإعلام الإلكتروني سواء عبر المدونات أو شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقاته المتنوعة. ولكن الفارق يكمن في مضمون ما سينشر، وآلية وتقنيات توزيعه لكي يصل إلى الفئة المستهدفة، ولهذا نرى الصحف تنفق الكثير من أجل تحول صفحاتها الورقية إلى صفحات إلكترونية، ونرى القنوات التلفزيونية تتخذ من «يوتيوب»، «صديقاً حميماً» ليصل مضمون ما تنقله إلى أكبر شريحة ممكنة، ونرى أن الإذاعة اتخذت من التطبيقات الإلكترونية الحديثة مكاناً آمناً لها يجعلها متوفرة على مدار الساعة عبر أجهزة الهاتف الذكي. وغيرها الكثير من التدابير التي جعلت الفرد محاصراً بالأخبار!!

ولكن الأهم في هذه العملية برمتها هو «مضمون الخبر» الذي سيتم تداوله!! وكيفية صياغته ليتلاءم مع مختلف الشرائح والجهات!! فخبر الصحافة يختلف عن الخبر المسموع، ويختلف اختلافاً جذرياً عن الخبر المصور، ويختلف كذلك عن الأخبار المنشورة عبر الشبكة العنكبوتية حسب كل تطبيق!! فهل جهزنا العدة، وأهلنا صفوفاً من أبنائنا لتحمل راية العمل الإعلامي؟!

لطالما أشغلني هذا السؤال لا سيما وأنا أرى بعضاً من خريجي تخصص الإعلام لا يفقهون أسس الإعلام وممارساته التطبيقية، وإذا ما سألتهم عن «الخلل» أجابوا بأن الخلل يكمن في أن الدراسة نظرية وتفتقر إلى حد كبير إلى الجانب التطبيقي الذي يهيء خريجي الإعلام من ممارسة وتطبيق النظريات التي تم تلقينهم إياها في الجامعة.

وأعتقد بأن الخطوة الرائدة التي اتخذتها صحيفة «الوطن» بالشراكة مع صندوق العمل «تمكين» في تدريب عدد من البحرينيين على فنون الإعلام المختلفة هو أحد أوجه تقليص هذه الفجوة بين النظرية والممارسة أو التطبيق في مجال الإعلام أولاً، وخلق صف ثاني قادر على العمل الإعلامي في مختلف الجهات والمواقف ثانياً.

40 بحرينياً حصلوا على تدريب تطبيقي مكثف لمدة عام كامل، ونشرت أخبارهم على الصفحات الأولى ما يعني أنهم ذوو مستوى احترافي عال، وكم أتمنى أن يتواصل هذا البرنامج الإعلامي الرائد ويستمر الدعم المادي له، وأن ينقل «نادي الوطن للإعلام» من مرحلة النادي إلى مرحلة «الأكاديمية الإعلامية التابعة لصحيفة الوطن»، ويكون دورها التدريب العملي في المجال الصحافي المكتوب والإلكتروني والمصور، على غرار «أكاديمية اليوم السابع»، التابعة لصحيفة «اليوم السابع» في جمهورية مصر العربية الشقيقة.