التقيتها قبل أقل من سنة في انتخابات جمعية العلاقات العامة، وجمعنا القدر لنكون أعضاء في مجلس إدارة هذه الجمعية، ومازالت اللحظة الأولى حاضرة في بالي، فلقد أستغلينا نفس المصعد، وبدأنا بالحديث مع بعض، ولا أبالغ مطلقاً إذا قلت بأنني لم أنتبه بتاتاً لإعاقتها، فلربما كان جمالها الأخاذ يغطي على الإعاقة، ولعل شخصيتها المرحة وثقتها جعلتني لا ألاحظ مطلقاً أنها تملك ذراعاً واحدة فقط، ولم أكتشف هذه الإعاقة إلا عندما طلبت مني أن أمسك كوب العصير لتوقع على ورقة!

ومن هنا توقدت لدي شرارة إعجاب تجاه هذه الجميلة، المرحة، الذكية، المجتهدة، وبت أنسج معها علاقة أتمنى ألا تنتهي، فهي تمثل لي «قدوة» في مجال التحدي والرضا والتفاؤل، وليس لي وحدي وحسب، بل حتى أبنائي بعد أن شاهدوها تخوض سباقات «الرجل الحديدي» كإحدى النساء «الحديديات» اللاتي برزن على المستوى الرياضي المحلي والعربي والعالمي، أصبحت هذه المرأة الاستثنائية تشكل لهم مثالاً، فعندما يقول ابني عبدالعزيز لأخيه إبراهيم بأنه لا يستطيع فعل أي شيء مثلاً، يرد عليه إبراهيم: «أنت تستطيع.. تذكر أن شيخة تقوم بكل شيء بيد واحد، تذكر بأنها تتسلق بيد واحدة، وتسبح بيد واحدة، وتقود الدراجة بيد واحدة، وتمارس كل أنشطة حياتها بيد واحدة».

نعم إنها شيخة الشيبة، هذه الفتاة البحرينية التي تملك ذراعاً واحدة فقط، ولكنها ليست كأي ذراع!! ولا أعرف لماذا لا يستوعب عقلي أو قلمي أن يضمنها من ذوي الإعاقة مطلقاً، ففي كل مرة أشاهدها أتأكد من أن المعوق هو الذي يملك الكمال الجسدي والذهني لكنه لا يحسن استغلاله، أما شيخة فهي مختلفة جداً، لا أبالغ مطلقاً إذا قلت بأنها «Bahraini Brand»، وهي خير مسوق لصورة المرأة في مملكة البحرين، ولا أقول هذا الكلام من باب الإعجاب وحده بل إنه حقيقة وواقع، ففي الملتقى الخليجي للعلاقات العامة في نسخته الحادية عشرة، كانت شيخة «نجمة الحفلة» وكانت قصتها هي الأبرز، رغم كل أوراق العمل المتميزة التي قدمها المتحدثون البارعون والمتميزون في تخصصهم. ومازلت أذكر همسات الحضور وهم يشيدون بها، ويمتدحونها، ويدعونها لبلدانهم الخليجية الشقيقة لتكون سفيرة للإيجابية والتحدي.

وبعدها بأيام قامت الإعلامية القديرة سوسن الشاعر في برنامجها المميز باستضافة شيخة الشيبة كنموذج حي للتحدي والإنجاز، ومن بعدها استضاف المجلس الأعلى للمرأة أيضاً شيخة لتروي قصتها ولتكون إحدى الملهمين والمؤثرين في حياتنا جميعاً دونما استثناء.

إنها شيخة الشيبة، الفتاة البحرينية، التي تم بتر ذراعها في عمر مبكر، ولكنها عاشت بتفاؤل وأمل، وحب لهذه الحياة، عاشت بطموح وقاد يستحق الرعاية والاهتمام.

وعلى هامش أحد اللقاءات سألت شيخة، هل تحظين بدعم يوفر لك الاستدامة في مشوار التميز في المجال الرياضي، فقالت لي بضحكتها الجميلة والمميزة، «أي دعم إني موظفة علاقات عامة في إحدى الشركات كما تعلمين!! إجازاتي السنوية كادت تنفذ!! وأصبحت لا أستطيع المشاركة في العديد من الفعاليات!! وراتبي أصرف جله على التدريب والسفر وشراء المعدات اللازمة للمشاركة في السباقات!! وأكملت وهي مازالت محتفظة بذات الضحكة الجميلة التي وهبها الله لها لتصرف أعين الناس عن النظر إلى إعاقتها وقالت «الحمدلله على كل حال»، يكفيني هذا الكلام الطيب الذي أسمعه منكم، ويكفيني الأثر الذي أتركه على الجميع في كل مكان أوجد فيه!!

رسالة أوجهها إلى سمو الشيخ ناصر بن حمد الذي يعد رمزاً من الرموز الشبابية ليس على مستوى البحرين بل على المستوى العالمي، والذي دعم «شيخة» معنوياً في سباق «الرجل الحديدي» من أجل احتضان سموه لهذه الطاقة الشبابية البحرينية المتميزة التي استطاعت لفت نظر العالم لها، بدعمها واحتضانها وتفريغها من أجل أن تستمر في العطاء والإلهام، وأنا على ثقة تامة بأن سموه حريص كل الحرص على أن يأخذ كل شاب بحريني مكانه في المجتمع ليستطيع أن يرفع اسم البحرين عالياً. فشيخة الشيبة تستحق لقب «سفيرة التحدي والإنجاز» وتستحق منا الدعم والمساندة من أجل أن تواصل إنجاز دورها باقتدار.