* محلل لـ "الوطن": الحكومة العراقية الجديدة ربما تخضع لتدخلات خارجية

بغداد – وسام سعد

تنتظر رئيس الوزارء العراقي المكلف بتشكيل الحكومة عادل عبد المهدي مهمة صعبة لتشكيل حكومة توازن سياسي وطائفي وهذا ما ينتظره الشارع العراقي من رئيس الوزراء المكلف، وسط مطالبة الأحزاب والكتل السياسية بحصتها من الوزارات والمناصب السيادية الأخرى. ويواجه عبدالمهدي صعوبات وتحديات في تشكيل حكومته قد تجبره على تقديم استقالته إذا تعرض إلى ضغوطات سياسية، ولم يتمكن من تنفيذ البرنامج الحكومي خاصة وانه عرف بانه مسؤول سريع الاستقالة إلا أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلنها بشكل رسمي عن تخليه عن المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة.



وأمام رئيس الحكومة الجديد مهمة ثقيلة تتمثل في إعادة بناء ما دمرته الحرب التي استمرت 4 أعوام ضد تنظيم الدولة "داعش"، وإزالة التوتر الطائفي في البلاد ومن ثم إيجاد التوازن في علاقات بلاده الخارجية لاسيما مع دول الخليج والولايات المتحدة وإيران.

ويبلغ عبد المهدي من العمر 76 عاماً وهو خبير اقتصاد هاجر من بلاده إلى فرنسا عام 1969 وعمل في مراكز بحثية وأصدر مجلات بالعربية والفرنسية وكان والده وزيراً في عهد الملكية التي سقطت في العراق عام 1958.

ورشحت عادل عبد المهدي كتلتان سياسيتان الأولى يتزعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحكومة المنتهية ولايته حيدر العبادي والثانية يتزعمها هادي العامري ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويعتبر تكليف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة عملياً أول كسر لاحتكار حزب الدعوة الإسلامية إلى منصب رئاسة الحكومة العراقية منذ ما يزيد عن 13 عاماً إذ تناوب عليه كل من إبراهيم الجعفري ثم نوري المالكي لولايتين، ثم حيدر العبادي أخيراً.

ووافقت القوى السياسية على شروط عادل عبدالمهدي المكلف بهدف تشكيل الحكومة العراقية قبل أيام من تكليفه بهذا المنصب على أن ترشح الأحزاب السياسية أربعة مرشحين لاختيار أحدهم للمناصب الوزارية.

وذكر النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي في تصريح صحافي أن عبدالمهدي وصل إلى هذا المنصب من خلال اتفاق القوى السياسية فرئاسة الوزراء في هذه الحكومة لا تعتبر استحقاقاً انتخابياً لكتلة معينة وعبدالمهدي مرشح مستقل لا ينتمي لحزب أو لكتلة معينة شاركت في انتخابات 2014، وأن المناصب الوزارية ستوزع على الكتل السياسية حسب الاستحقاق الانتخابي والنقاط وستقوم كل كتلة سياسية بترشيح أربع شخصيات لعادل عبدالمهدي لاختيار أحدهم للمناصب الوزارية ضمن المعايير التي قدمها رئيس الوزراء المكلف للقوى السياسية.

وبين الموسوي أن عبدالمهدي طلب من القوى السياسية مساعدته في تنفيذ البرنامج الحكومي البعض منهم اقترح اختيار شخصيات كفؤة لتولي المناصب الوزارية إلا أن الوزير المستقل سيكون ضعيفاً غير قادر على إدارة الوزارة في ظل تواجد الأحزاب السياسية وبالتالي ستقدم الكتل شخصيات كفؤة للرئيس المكلف باختيار أحدهم للمناصب الوزارية بهدف تشكيل الحكومة العراقية قبل نهاية شهر أكتوبر الحالي.

وقال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والقيادي في تحالف سائرون رائد فهمي أن مهمة عادل عبدالمهدي ستكون شاقة لكنها ليست مستحيلة.

واضاف فهمي أن العديد من التحديات تشكلُ عائقاً أمام عادل عبدالمهدي لإعلان كابينته الحكومية أو ديمومتها لان تشكيل حكومة تكنوقراط وإجراء الإصلاحات الحكومية ومحاربة الفساد تمثلُ أبرز التحديات أمام رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة مؤكداً أنه سيواجه عقبات كبيرة في مقاومته للمتصدين لمشروعه الحكومي.

وأوضح فهمي أن توتر العلاقات الأمريكية – الإيرانية يشكلُ تحدياً كبيراً سيُلقي بظلاله على كاهل حكومة عبدالمهدي.

وكشف فهمي أن الأحزاب السياسية لديها طموحات تجدها مشروعة في الانقضاض على كابينة عبدالمهدي والحصول على مغانم الوزارات الحكومية.

وقال المحلل السياسي فاروق محمد لـ "الوطن"، إن "عادل عبدالمهدي وخلال سنوات توليه عدة مناصب حكومية في العراق لم تظهر أي من إنجازاته للعيان لذلك هناك بعض التوجس والمخاوف لتكليفه بمنصب رئاسة الوزراء".

وأضاف محمد أن "حكومة عبدالمهدي سوف لن تستمر لأكثر من 6 أشهر لوجود تحديات داخلية متمثلة بانتشارالجماعات المسلحة وأزمة المياه والتداخل بين مؤسسات الدولة والتصدي لسطوة الأحزاب السياسية".

وأوضح أن "عبدالمهدي يمكن أن تكون له بصمة إيجابية في إيجاد الحلول لازمات البلد الاقتصادية فقط، ودون ذلك فأن مهمته تبدو مستحيلة".

في السياق ذاته، أكد رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي أن "مهمة عبد المهدي ستكون صعبة والتحديات جسيمة لكن الثقة فيه كبيرة في اختيار شخصيات قوية وكفوءة ونزيهة وفق برنامج حكومي متكامل يعالج الأزمات القائمة ويلبي تطلعات العراقيين ويضع حداً لمعاناتهم".

من ناحيته، قال المحلل السياسي عبد الله عباس لـ "الوطن"، إن "التوافق السياسي على اختيار رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي سيعجل بتشكيل الحكومة وأن تكليفه بهذه السرعة يعني أن هناك توافقاً بين الكتل السياسية وسيتم تشكيل الحكومة بسرعة كبيرة خلال ثلاثة أسابيع".

وأضاف عباس أن "عبد المهدي لم يرشح في الانتخابات السابقة ولا أعتقد أنه سيرشح في الانتخابات القادمة"، وشدد عباس على "ضرورة أن يحظي المرشحون للوزارات بمقبولية عبد المهدي"، مضيفاً أن "رئيس الوزراء المكلف سيحاول أن يبقي الوزارات الأمنية بيده وبعيدة عن المحاصصة وحسب تعهدات عبد المهدي وتغريدات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومطالب الشعب فنتصور نجاح الحكومة القادمة".

من جانب آخر، أكد المحلل السياسي مروان العبيدي لـ "الوطن" أن "حكومة عادل عبد المهدي لن تترك بدون تدخلات خارجية لأنها جاءت مخالفة لبعض الإرادات الإقليمية".

وأضاف العبيدي أنه "يتوجب علي عبد المهدي الاستفادة من أخطاء الحكومات السابقة في اختيار الوزراء".

وأوضح أن "رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي لم يأت عن طريق الكتلة الأكبر ولكن عن طريق الفضاء الوطني كما إن قوة البرلمان والكتل السياسية في جانب رئيس الوزراء ولا يوجد هنالك فرض مرشحين للكابينات الوزارية وأن رئيس الوزراء المكلف هو من سيحدد شكل الحكومة القادمة سواء كانت موسعة أو مختصرة".

وبحسب القانون العراقي فإنّ أمام رئيس الحكومة الجديد مدة 30 يوماً لتقديم وزرائه والبرامج الوزارية مكتوبةً وعرض ذلك على مجلس النواب للتصويت وإذا حازت تشكيلته على موافقة المجلس يتم أداء قسم اليمين الدستوري في قاعة البرلمان من قبل رئيس الحكومة والوزراء الجدد أما إذا أخفق عبدالمهدي وتجاوز التوقيت الدستوري المحدد أو لم يحصل على ثقة البرلمان يقوم رئيس الجمهورية بتكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة.