الحرة

المخدرات أصبحت من أبرز آثار الحرب الدائرة في سوريا، إذ انتعشت تجارتها وترويجها بين الشباب في مناطق مختلفة من البلاد، فيما اعتبرها المرصد السوري لحقوق الإنسان ظاهرة تنمو تدريجيا حتى باتت تنتشر بشكل واسع وملحوظ في مناطق الشمال السوري التي تديرها "حكومة الإنقاذ" بالتحديد.



إدمان

ونقل المرصد عن أحد العاملين بمركز متخصص في محاربة الإدمان بإدلب قوله، إن المركز يستقبل بشكل شهري من 30 إلى 40 حالة تقريبا يعانون من حالات الإدمان بشكل عام من أرياف إدلب وحلب.

ولفت الرجل إلى أن بعض الشباب السوري أصبح يتعاطى الأدوية المهدئة والمهلوسات، زيادة على إدمانه على الكحول والمخدرات.

وكشف أن المركز الذي يعمل به، يقوم على استقبال المدمن وعلاجه، بإعطائه أولا أدوية معينة لتخليص جسمه من تأثير المخدرات لفترة تصل إلى 15 يوما، ثم ينقل لمصحة يقوم عليها أخصائيون يتابعون حالته حتى الشفاء التام.

ومن بين حالات الإدمان الأكثر انتشارا "هناك الإدمان على الحشيش بنسبة كبيرة، ثم يأتي بعد ذلك الإدمان على أدوية مثل الترامادول والكبتاغون، والذي يشبه تأثيرها لحد كبير نتائج وتأثير المخدرات" وفق التقرير.



شهادة

التقرير تضمن أيضا شهادة أحد المدمنين والذي يبلغ 35 عاما.

وقال الرجل الذي كان ينتمي لما يعرف بحركة "أحرار الشام الإسلامية" وبات متعافيا من الإدمان على حبوب الهلوسة والحشيش، إن بداية تعلقه وإدمانه كانت على حبوب الهلوسة التي كان يأخذها أحيانا في حالات اشتداد القصف والمعارك ضد قوات النظام.

ويقول إنه كان يحصل عليها من أحد الأشخاص الذي كان يبيعها بشكل علني، ثم انتقل به الحال لتعاطي المهدئات في العام 2016 عندما تعرض لحادث في سيارته أدت لعدة كسور في قدميه، دخل على إثرها المشفى، ثم بدأ بتناول أدوية مهدئة منها "ترامادول" لفترة طويلة حتى صعب عليه تركها.

وأضاف أنه بعد ذلك، بدأ بتعاطي الحشيش الذي كان يحصل عليه من أحد قياديي الحركة.

ويقول الرجل: "منذ مطلع العام الفائت 2020 بدأت بالتعافي من المخدرات التي أضاعت صحتي، وتركت العمل في المجال العسكري، وبدأت العمل بالتجارة الحرة وأحاول نسيان كل ما حدث".



مصدرها

وتزرع مادة الحشيش بشكل سري في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي بإشراف قياديين معروفين حينها في"حركة أحرار الشام".

وعن مصادر المخدرات التي تنتشر في الشمال السوري، يقول أحد النشطاء الإعلاميين من مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي، في حديثه للمرصد إن المصدر الأساسي للمخدرات من مناطق سيطرة النظام، ويتم تهريبهاً لمناطق الشمال السوري، ومن تركيا أيضا يتم تهريب جزء منها، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

ويضيف، أن مادة الحشيش تزرع بشكل سري حتى هذه اللحظة في عدة مناطق في أرياف حلب وإدلب، حيث وصلت منذ فترة معلومات تفيد بالعثور على أرض لزراعة الحشيش في مدينة دركوش في ريف إدلب الغربي، وفي شمال حلب تزرع هذه المادة بإشراف قيادات الفصائل الموالية لتركيا.



الأسباب

ويشرح الناشط أسباب انتشار المخدرات في المنطقة حيث يقول إن منها "غياب الرقابة والفوضى الأمنية، وانتشار الصيدليات غير المرخصة التي تبيع بعض أنواع الأدوية التي تنافس المخدرات في تأثيرها، والفساد الذي عم جميع المناطق في الشمال السوري".

وأضاف أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على الفصائل وقياداتها التي تساهم لحد كبير في انتشار المخدرات وخصوصا الحشيش، عبر زراعته والتغاضي عن تجارتها.



مناطق النظام

وتتزايد ظاهرة انتشار المواد المخدرة في عموم مناطق النظام السوري، في ظل حالة الفلتان الأمني التي شهدتها معظم المناطق السّورية التي جعلت من هذه التجارة أمراً اعتيادياً وسهل التّداول وأمام العلن، في انتهاكٍ صارخ لجميع المواثيق الدّولية، حسب المرصد.

ويتم تصريف المخدرات من خلال تجار أو عبر وسطاء يعملون في مجال بيع المخدرات، بشكل سري، وعن طريق مركبات ووسائط نقل عامة وخاصة، وذلك بعد الحرص على تمويهها.

وتنتشر المخدرات في معظم المحافظات السّورية وخاصة في المناطق الخاضعة لسّيطرة النّظام السّوري، لاسيما في المناطق الجنوبية كالسّويداء ودرعا والقنيطرة والعاصمة دمشق وريفها.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية قد نشرت تقريرا وصف سوريا بأنها "دولة مخدرات"، حيث بات تصنيع مخدر الكبتاغون في قلب أراضي النظام السوري مصجر كسب مالي كبير لاقتصاد منهار بعد سنوات الحرب والدمار التي قتلت وهجرت ملايين السوريين وهدمت المدن والأحياء السكنية.