مشايخ : جواز الحج بقرض حسن ومبدأ الاستطاعة يسقط الفريضة

ارتهان الذمة خطر على المقترض



فلامرزي: الحج يجب على المستطيع الممتلك مالاً يكفيه لذهابه ورجوعه ونفقة من يعولهم

النامليتي: من نوى الحج ولم يستطعه لِعارض فله الأجر و حجة الإسلام لاتسقط عنه

الصديقي: للحاج الاقتراض لأداء الفريضة حال وجود أموال محتملة تأتيه مستقبلاً

الفتيل: من لايملك مالاً للحج يطبق عليه حكم غير المستطيع

أيمن شكل

أجاز علماء دين القرض "الحسن" لأداء فريضة الحج وذلك بسبب ارتفاع أسعار الحج بنسبة كبيرة، إلا أنهم شددوا على مبدأ "الاستطاعة" سواء في المال أو القدرة عملاً بنص القرآن، فيما حذروا من احتمال عدم الوفاء بالقرض وارتهان ذمة المسلم بالحقوق، وقالوا في ردهم على حجب الحج عمن هم فوق الخامسة والستين إن الفريضة تسقط على غير المستطيع، لكنها لا تكتب له على النية.

وأوضح الشيخ الدكتور حمزة فلامرزي أن أهل العلماء قد أجمعوا على أن الحج يجب على المستطيع الذي يملك مالاً يكفيه لذهابه ورجوعه ويكفي من يعولهم، فإذا وجد مالاً يكفي للذهاب للحج أو العودة ولا يترك لأهل بيته ومن يعولهم ما يكفيهم فهو في حكم غير المستطيع، مشيراً إلى جواز بعض العلماء للاقتراض من أجل أداء فريضة الحج لكنهم اشترطوا أن يكون لمن له وفاء، وضرب مثلاً بذلك للتاجر الذي لديه تجارة يتوقع عائداً قريباً منها لكن وقتها يتجاوز أيام الحج، أو الموظف الذي سيأتيه من الراتب ما يكفي لسداد دينه.

لكن الشيخ فلامرزي نبه إلى أن كلفة الحج لا تقتصر على مبلغ الأداء للحملة، وإنما أيضاً مصروفات الحاج، وما يتركه لأهل بيته من مال يكفيهم إلى عودته، وقال إن العلماء ينصحون بعدم الاستدانة للحج بل إن بعضهم رأوا في ذلك الأمر كراهة.

وأشار فلامرزي إلى جواز الاقتراض لأداء "حج الفريضة" والذي يكون مرة واحدة في حياة المسلم، لكن بالنسبة لمن يفضل الحج لأكثر مرة عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) رواه التّرمذي والنّسائي، فلا يجوز الاقتراض له، وأرجع السبب إلى أن حج الفريضة ذكره الله تعالى بأنه "لمن استطاع إليه سبيلاً"، وهو لمن يملك ومستطيع ولا يكلف المسلم في أدائه بالاستدانة.

وخلص الشيخ حمزة إلى النصح بعدم تحمل دين مقابل أداء حج الفريضة لأن المسلم في نظر الشرع غير مستطيع، خاصة وأن الوفاء بالدين بات صعباً، ومن المحتمل ألا يعود صاحب الدين أو تتوفاه المنية قبل سداد دينه وتكون ذمته مرهونة بحقوق الناس، والأولى ألا يرهن المسلم ذمته بالحقوق وهو مقبل على الله سبحانه وتعالى.

وطالب الشيخ فلامرزي المسلم بالتهيئة للحج بجمع المال له حتى يؤدي مناسكها بقدرة مادية وبدنية والله يعين المسلم ويكون دائماً في عونه.

وفي السياق ذاته أكد الشيخ الدكتور حبيب النامليتي أنه لا يجب الحج على غير المستطيع، وله الاقتراض، وبالنية الصالحة يدرك الأجر ولا تسقط عنه حجة الإسلام، وقال إن الحج واجب على المستطيع، لقوله تعالى: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، والاستطاعة مالية، وبدنية؛ فأما الاستطاعة المالية بأن تكون عنده القدرة المالية على تحمل جميع تكاليف السفر مهما بلغت؛ لأن الأسعار متغيرة بطبيعتها، ويجب أن يكون لدى الحاج تكاليف من يلزمه نفقتهم فترة السفرة، فإن لم يكن مستطيعاً بماله لم يجب عليه الحج، ولكنه إن أراد الحج مع عدم قدرته وله مدخول ثابت يمكنه أن يوفي منه كراتب أو عقار فله أن يقترض قرضاً حسناً، وحجه صحيح إن شاء الله وتسقط عنه حجة الإسلام.

وحول قرار تحديد عمر الحاج تحت سن الخامسة والستين، أوضح الشيخ النامليتي أنه يأتي ضمن الإجراءات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا، وذلك من أجل الحفاظ على الأنفس حيث إنّ الكبير أكثر عرضة للأمراض ومضاعفاتها، وأكد أن ذلك يدخل ضمن عدم الاستطاعة البدنية والتي منها القدرة على السير والتنقل، ومن نوى الحج ولم يستطعه لِعارض فله الأجر إن شاء الله لكن لا تسقط عنه حجة الإسلام.

وأضاف: "إن كان المسلم مستطيعاً بماله دون بدنه فله أن يوكل وينيب غيره بالحج عنه، وأما من كان عاجزاً ببدنه وماله فإن الحج يسقط عنه، ولذلك نحث الجميع ممن عندهم الاستطاعة للمبادرة للحج، وعدم التسويف في الإتيان بهذا الركن العظيم من أركان الإسلام؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تعجلواّ إلى الحج -يعني الفريضة- فإنَّ أحدكم لا يدري ما يعرض له"".

من جانب آخر أوضح الشيخ عبدالناصر الصديقي جواز الاقتراض لأداء فريضة الحج، إلا أنه اشترط في القرض الحسن وقال: "يجب أن يكون القرض بدون فوائد بأن يتسلف المسلم مبلغاً لكي يؤدي المناسك ثم يعود ليدفعه بناء على أموال محتمل أن تأتيه في المستقبل، لكن إن كان القرض يحمل فائدة ربوية فهو لا يجوز بإجماع العلماء".

وحول اشتراط عدم تجاوز سن الحاج الخامسة والستين، أكد الشيخ الصديقي أن الإنسان يؤجر بنيته كما يؤجر عن العمل، ويرفع عنه الإثم والحرج، لكن لا تكتب له حجة لأنه في تلك الحالة يكون من أهل عدم الاستطاعة.

من جانب آخر أكد الشيخ فاضل الفتيل أنه يجوز الاقتراض للحج، لكنه لا يلزم المسلم به عند نيته أداء حج الفريضة وقال: "إنه لو لم يقترض فلا إثم عليه ويعتبر في حكم غير المستطيع ويسقط عنه الحج".

وفي شأن حصر الحج على من أقل من 65 عاماً، أوضح الشيخ فتيل أن "من عقد النية على الحج ولم يتمكن لظرف قاهر، فقد كتبت له حجة، مستنداً في ذلك لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وقوله: "يا اباذر انوِ الخير وإن لم تفعله"، وشدد على أن هذا المبدأ ينطبق على الشباب وعلى كبار السن وقبل صدور القرار وبعده.