زهراء حبيب | ومن ناحية تأثير هذه الإعلانات المخلة بالحياء على المراهقين والأطفال مستخدمي هذه التطبيقات، تؤكد رئيسة قسم العلوم الاجتماعية في جامعة البحرين د. أحلام القاسمي أن بالمشهد الرقمي اليوم، تصل رسائل التسويق إلى الأطفال بطرق أقل وضوحاً، ولكنها أكثر مباشرة، سواء باستخدام الإنترنت، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو ألعاب الفيديو، أو تطبيقات الهاتف المحمول، أو الألعاب "الذكية" المتصلة بالويب، وغيرها من الأجهزة، فإن الأطفال والمراهقين هم أهداف لرسائل التسويق.

كما أكدت أن الأبحاث تظهر 96% من التطبيقات المجانية التي يتم تنزيلها للأطفال دون سن 5 سنوات تحتوي على محتوى تجاري. ويشمل ذلك الإعلانات المخفية والمنبثقة، بالإضافة إلى الإعلانات التي توفر عند عرضها، رموزاً أو طريقة لعب أسهل، ويستخدم المعلنون أيضاً أدوات جمع بيانات غير مرئية تتيح لهم تخصيص الإعلانات والمعلومات الأخرى المخصصة للتأثير في السلوك.

وقالت: "تشكل بعض الإعلانات التي قد يتعرض لها الأطفال مخاطر أمنية وتهديداً كبيراً للخصوصية، ويمكن أن يكون ذلك من خلال لافتات، أو صور، أو مواقع محددة، صممها مجرمو الإنترنت، مثل البرامج الضارة، أو التي تؤدي إلى عمليات احتيال وتصيد، ما يعرض أجهزة الأطفال والمعلومات الشخصية للخطر، وفي الوقت نفسه، قد تقوم حتى الشركات ذات السمعة الطيبة بنشر الإعلانات بشكل مفرط، ما قد يعرض خصوصية الأطفال للخطر من خلال جمع بيانات حساسة دون موافقة الوالدين".

وأضافت: "تتطلب الحماية من هذه المخاطر تدابير أمنية سيبرانية قوية مع إشراف الوالدين، ويمكن أن تكون أدوات الرقابة الأبوية ذات قيمة كبيرة هنا، حيث تمكن الآباء من القدرة على إدارة ما قد ينشره أطفالهم على الإنترنت، وبالرغم من أن المخاطر قد تبدو مخيفة، فإن هناك الكثير مما يمكن للآباء والأوصياء القيام به للمساعدة في حماية الأطفال من التأثير السلبي الذي قد يخلفه التعرض للإعلانات".

ويلعب الحوار المفتوح والتواصل دوراً حاسماً في تطوير مناقشة المخاطر المحتملة للإعلانات، ويمكن أن تمكن الأطفال من اتخاذ خيارات مستنيرة حول كيفية تلقيهم وتفسيرهم للإعلانات، وبفضل هذه المعرفة والفهم، قد يكون الأطفال أكثر استعداداً لرفض الواقع المشوه، والسلوكات غير الصحية التي يشاهدونها على تطبيقات التواصل الاجتماعي.

وتشجع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال صناع السياسات وشركات التكنولوجيا على اعتماد لوائح أكثر صرامة وحظر الإعلانات التجارية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 7 سنوات، وتقييد الإعلانات للأطفال الأكبر سناً والمراهقين، وحظر الإعلانات المستهدفة لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وعن كيفية حماية الأطفال والمراهقين من الإعلانات المخلة بالحياء، تشير القاسمي إلى صعوبة هذه المهمة بحكم أن العالم أصبح مفتوحاً من أقصاه إلى أدناه، لكن الحلول الممكنة موجودة، وإن كانت غير مضمونة، وهناك حلول يطرحها تطبيق السناب شات نفسه، مثل إمكانية التبليغ عن أي محتوى مسيء ومؤذ.

كما أن هناك مركز العائلة في "السناب شات"، وهو مجموعة من أدوات التحكم الأبوية التي تساعد على معرفة الأشخاص الذين يتواصل معهم الأبناء، وتعيين عناصر التحكم في المحتوى، والتي يمكن أن تساعد على تحفيز المحادثات المهمة حول السلامة، ويمكن للآباء أيضاً الإبلاغ بسهولة وسرية عن أي مخاوف مباشرة إلى فريق التطبيق، الذي يعمل على مدار الساعة للمساعدة في الحفاظ على سلامة المستخدمين.
كما من الممكن للآباء تفعيل الفلاتر أو المرشحات للتحكم في المحتوى، بحيث يمكنهم حظر المحتوى "الحساس أو المثير" في قصص "السناب شات" أو موجز "Spotlight" الخاص بالطفل.

وحث الأطفال بعدم التواصل مع الغرباء على الإنترنت، وحظر الكشف عن موقعهم، وأحياناً يكون من المفيد عدم منح الأطفال الموافقة العمياء، ولا بد من التحكم والرقابة، والتحقق من حساباتهم، مشددةً على أنه من الجميل أن نثق بأطفالنا، لكن هذا لا يعني أننا نثق بهم بشكل أعمى، يجب ألا تتجاوز ثقتنا هذا الحد.

وأكدت أنه تبقى مسؤولية الآباء في تحديد العمر المناسب للسماح للأبناء باستخدام هذا التطبيق، الحد العمري الرسمي لسناب شات هو 13 عاماً على الأقل، وفقاً لشروط خدمة "سناب شات" لإنشاء حساب، وهو يتوافق مع قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، الذي يضع إرشادات للخصوصية على الإنترنت وحماية الأطفال دون سن 13 عاماً.

ولفتت إلى أنه رغم اشتراط تطبيق "سناب شات" بأن يكون عمر المستخدم 13 عاماً على الأقل، ولكن لسوء الحظ، يستخدم العديد من الأطفال الأصغر سناً التطبيق دون علم أو موافقة والديهم، والأسوأ من ذلك أن البالغين يقومون بإعداد "سناب شات" للأطفال بالكذب في أعمارهم.
وعن دور الأسرة وأصحاب الاختصاص في إحياء ما يطلق عليه "الضمير الرقمي"، قالت: "ساعد طفلك على التفكير الأخلاقي بنفسه، في حين أن الضمير له مكون فعال (الشعور بالراحة أو عدم الراحة)، على عكس الأنا العليا؛ فهو في المقام الأول القدرة على اتخاذ قرارات أخلاقية مدروسة، لذا ساعد طفلك على فهم وممارسة التفكير المتضمن في اتخاذ القرارات الجيدة، وهذا يعني تشجيعه على النظر في الظروف الملموسة المعنية، والعواقب المحتملة لعمل معين".

وأضافت: "أكد على صلاحهم الفطري، إذ يميل الأطفال إلى العيش وفقاً لصورة الذات التي نسقطها عليهم؛ حتى القيام بأشياء سيئة لا يجعل المرء شخصاً سيئاً، لذا من الأفضل أن تقول للطفل أنت لست كاذباً، فلماذا تكذب؟ أو أنت لست لصاً، فلماذا سرقت؟ فإن وصفهم بالكاذبين أو اللصوص، وكأنهم كذلك بطبيعتهم، فمن المرجح أن يشجعهم على مثل هذا السلوك".

ودعت القاسمي إلى إجراء محادثة عائلية ديمقراطية، وقالت: "عندما تكون هناك قضايا أخلاقية تمس الأسرة بأكملها، شجع جميع الأعضاء على التحدث بكلمة ضميرهم، واسمح لهم بأن يُسمعوا، حاول التوصل إلى إجماع إذا كنت بحاجة إلى اتخاذ قرار مختلف، فهذه مجرد أمثلة للتذكير بالأدوار التي تتخذها الأسرة كمؤسسة أساسية في التنشئة الاجتماعية، وإن كثيراً من مشكلاتنا اليوم تبدأ حين تتخلى الأسرة عن أدوارها الأساسية".