توصية بالاعتداد بالرابطة الزوجية سبباً للإعفاء من عقوبة "السرقة" بين الأزواج


أكدت أطروحة دكتوراه أن المشرع البحريني يوفر حماية شبه شاملة للأسرة، ومتوافقة مع الدستور، من خلال تجريم أغلب الجرائم الماسة بها، فيما أوصت الدراسة بتجريم الإهمال العائلي بترك الزوج للمنزل، والتخلي عن واجباته، والامتناع من سداد النفقة، والشروع في الإجهاض.

وطالبت الدراسة بالاعتداد بالرابطة الزوجية سبباً للإعفاء من العقاب في جريمة السرقة بين الأزواج، وتخصيص محاكم متخصصة نوعياً للنظر في الجرائم الماسة بالأسرة.

وناقش المحامي عبدالله نوري السليمان مؤخراً أطروحته للدكتوراه المعنونة "النظرية العامة للجرائم الماسة بالأسرة- دراسة مقارنة"، والتي حصل بموجبها على درجة الدكتوراه في فلسفة القانون العام من جامعة البحرين، وقد ترأس لجنة المناقشة: أ.د فايز الظفيري، أستاذ القانون الجنائي بجامعة الكويت (ممتحناً خارجياً)، وضمت عضوية اللجنة من جامعة البحرين كلاً من: د. عادل بشير (ممتحناً داخلياً)، ود. محمد الهيتي (مشرفاً).

وتعتبر الأطروحة الأولى من نوعها التي تناقش وتطرح موضوع تأصيل النظرية العامة للجرائم الماسة بالأسرة في مجال القانون الجنائي، وعن أهمية موضوع الأطروحة يقول الباحث المحامي عبدالله السليمان: يكتسب الموضوع أهميته من أهمية الأسرة في بناء المجتمع وتكوينه وبالتالي ازدهاره، فالأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع والنواة الأولى في تكوينه، ونظراً لأن ما يصيبها من انتهاكات تزعزع استقرارها، وتهدم كيانها ينعكس بدوره سلباً على المجتمع؛ الأمر الذي حدا بالمشرع الجنائي لتصدي لذلك بتجريم أشكال مختلفة من صور السلوك والاعتداءات التي تمس الأسرة، تقديراً منه للمصالح المعتبرة للأسرة.

كما يكتسب الموضوع أهميته أيضاً في تسليط الضوء على صور الجرائم التي تمس الأسرة، واستقراء خطة عمل المشرع الجنائي في مواجهتها، في محاولة لفهم خطة المشرع وفلسفته التشريعية في معالجة الأفعال الماسة بالأسرة داخل قانون العقوبات، وبحث الأحكام المشتركة لتلك الجرائم، واستقراء جزئياتها، فيما يخدم لتأصيل النظرية العامة للجرائم الماسة بالأسرة.

وأضاف السليمان: "قد تبين لنا من خلال الدراسة أن الأسرة قد حظيت باهتمام النظم القانونية القديمة، والشرائع السماوية والتشريعات المعاصرة، ومنها المشرع البحريني مراعاةً للمصلحة المحمية، والمتمثلة بسعي المشرع للحفاظ على الأسرة وسلامة كيانها، وضمان استقرارها، كما أن التشريعات المقارنة لم تغفل عن أساس الحماية القانونية، كما أنها جعلت من الزواج والإنجاب أساسا لتكوين الأسرة، كما كشفت الدراسة بأن الروابط الأسرية كان لها مبلغ الأثر في سياسية المشرع من حيث التجريم والعقاب".

وبين المحامي عبدالله السليمان أن الأطروحة قد خلصت إلى عدد من الاستنتاجات القانونية، التي توصل إليها في ختام الأطروحة بلغت (22) نتيجة، ومن أهمها: أن التشريعات اتفقت -ومنها المشرع البحريني- على أن الأساس القانوني لتكوين الأسرة يكون بالزواج بين رجل وامرأة، ورفض أي شكل آخر لتكوين الأسرة، كزواج المثليين وغيره، كما اتفقت على أن تكوين الأسرة بالزواج والإنجاب يعتبر حقاً لكل طرف، وبالمقابل واجباً على الطرف الآخر، وللطرف المتضرر حق اللجوء إلى القضاء صوناً لذلك الحق.

ولوحظ من خلال الدراسة أن المشرع البحريني جرم عدد من صور الجرائم الماسة بالأسرة، وهي: جريمة زنا الزوجية، إبعاد الطفل حديث الولادة، تعريض الأطفال والعجزة للخطر، الامتناع من تسليم الصغير لمن حكم له بحضانته، والامتناع من تنفيذ حكم الزيارة، وأخيرا جريمة الإجهاض. كما استكمل ذلك بتجريم صور العنف الأسري بقانون خاص، ووفر حماية قانونية وقائية للأسرة من الأمراض باشتراط الفحص الطبي قبل الزواج.

وأكدت الأطروحة على أن حماية المشرع البحريني للأسرة حماية شبه شاملة، شملت أغلب الجرائم الماسة بالأسرة، وأن سياسته الجنائية متوافقة مع الدستور ومصادر التشريع في الدولة، ومنها الشريعة الإسلامية، ولكن لاحظنا أن المشرع البحريني لم يجرم بعض الأفعال الماسة بالأسرة، مثل جريمة الامتناع من سداد النفقة، وجرائم الإهمال العائلي، وجريمة التوصل لعقد زواج باطل، كما أنه لا يعاقب على الشروع في الإجهاض، وهو ما نأمل منه تجريم تلك الأفعال وصولاً لحماية جنائية شاملة للأسرة.

كما أن الجرائم الماسة بالأسرة بالمقارنة بجرائم الأشخاص تتمتع بذاتية مستقلة عنها، وأن الجرائم الماسة بالأسرة نفسها تجمع بينها العديد من الخصائص المشتركة، وأن المشرع قد خرج عن القواعد العامة في نطاق الجرائم الماسة بالأسرة في مجال قانون العقوبات وكذلك قانون الإجراءات الجنائية، وقيَّد تحريك الدعوى في بعض الجرائم على تقديم شكوى من المجني عليه، كما أن المشرع البحريني قد أنشأ نيابة متخصصة نوعياً للتحقيق في الجرائم الماسة بالأسرة وهي نيابة الأسرة والطفل.

واختتمت الأطروحة بعدد من التوصيات نأمل من المشرع البحريني الأخذ بها قدر الإمكان لتحقيق حماية شاملة للأسرة، ومن أهم تلك التوصيات ضرورة تجريم أفعال الإهمال العائلي، وخصوصاً ترك الزوج لمنزل الأسرة وتخليه عن واجباته الأسرية، وكذلك نأمل منه تجريم الامتناع من قضاء دين النفقة؛ حيث إن هذه الصورة لا تقل أهمية عن جريمة الامتناع من تسليم الصغير، إذ كثيراً ما نلاحظ امتناع الآباء عن الإنفاق على أولادهم وزوجاتهم، على الرغم من صدور أحكام قضائية بذلك، ونهيب بالمشرع البحريني تجريم الشروع في الإجهاض، وكذلك تخصيص محاكم متخصصة نوعياً للنظر في الجرائم الماسة بالأسرة، وكذلك الاعتداد بالرابطة الزوجية سبباً للإعفاء من العقاب في جريمة السرقة بين الأزواج.