يسعى كثير من المواطنين، على مدار العام، لوضع الفلس على الفلس وتوفير مبلغ مالي محترم يخصصونه لقضاء إجازة أو عمرة أو زيارة دينية، لتخفيف الضغوط وتغيير الأجواء، فيما يقوم آخرون بالاقتراض أو الاشتراك في جمعيات، يتم سدادها على مدار العام لذات الغرض.

ومن الطبيعي، بعد كل ذلك، أن يحظى المواطن بإجازة أو زيارة مريحة تتوافر فيها كل الخدمات التي ينشدها، بعيداً عن أي مفاجآت غير متوقعة أو منغصات قد تفسد الفرحة عليه وعلى عائلته.

مؤخراً، فوجئ 140 مواطناً من الزائرين لجمهورية العراق بحجز أحد الفنادق لجوازات سفرهم بعد تخلف صاحب الحملة عن سداد الالتزامات المفروضة عليه لإدارة الفندق واختفائه، والذي تبين بعد التحقيقات أنه يعمل كمكتب سياحي دون ترخيص.

الحملات الوهمية لم تقتصر على المكاتب السياحية غير الرسمية فقط، بل تجاوزت ذلك لتشمل بعض حملات الحج والعمرة، التي تتخذ طرقاً ملتوية وغير مشروعة من خلال التسلل إلى الأراضي المقدسة، معرضة حياة الحجاج للخطر، فضلاً على عدم توفير أدنى متطلبات العيش الكريم في المشاعر والسكن، حيث نجحت وزارة العدل والشؤون الإسلامية الأوقاف وبعثة الحج البحرينية في الحد منها في السنوات الأخيرة، عبر برنامج توعية متواصلة لتوعية المواطن والمقيم عبر مختلف وسائل الإعلام، إلى جانب نشر قائمة يتم تحديثها بشكل دوري للحملات المرخصة والمعتمدة لممارسة هذا النشاط.

وبالعودة إلى قضية المكتب الوهمي، فقد عملت هيئة البحرين للسياحة والمعارض خيراً بمتابعة الشكاوى واتخاذ الإجراءات القانونية بإغلاق المكتب وإحالة المسؤولين عنه للنيابة العامة.

وأشارت الهيئة في بيان إلى ضرورة التعاقد مع مكاتب السفر والسياحة الموثوقة والمرخص لها، محذرة من أن أي جهة غير مرخصة ستتحمل تبعات مخالفتها للقوانين واللوائح المعمول بها.

تحرك آخر قامت به وزارة الخارجية مشكورة، عبر سفارة المملكة في بغداد، والذي أسفر عن استرجاع وثائق السفر المحتجزة، منبهة إلى ضرورة التحقق من تراخيص الحملات وشركات السفر قبل الإقدام على إتمام الحجوزات والدفع، وذلك بعد تكرار حالات الحجوزات الوهمية وتخلف أصحاب المؤسسات عن تحمل مسؤولية المسافرين عبر تلك الحجوزات الوهمية، ما يعرضهم للمخاطر أثناء السفر.

كثير من هذه الحملات والمكاتب الاحتيالية تنشط عبر الإعلانات المضللة والوهمية عبر الإنترنت، أو في وسائل التواصل الاجتماعي، بالترويج لرحلات بأسعار زهيدة ووعود كاذبة، وهو ما قد يغري البعض ليقع فريسة هذا الاحتيال. في رأيي أن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على المواطن، باعتباره شريكاً رئيساً في إنفاذ القانون والقضاء على الظواهر السلبية، بعدم الانجرار خلف الإعلانات المضللة الساعية للنصب والاحتيال عبر أشخاص ومؤسسات وهمية، وإبلاغ الجهات المعنية والتي لن تتوانى عن المتابعة واتخاذ ما يلزم من إجراء.