* سحب جنسية أبناء القبائل المعارضين لسياسات الدوحة

* إهمال مريع وانتهاكات مريرة للعمالة الأجنبية

* كورونا يفضح قطر بعد تفشى الوباء في السجون



محرر الشؤون الدولية

لا تتوقف قطر عن انتهاكات حقوق الإنسان على كافة الأصعدة، والتي تتنوع ما بين سحب الجنسية من المواطنين القطريين، لاسيما، المعارضين للنظام، وأبناء القبائل، الذين يناهضون سياسة قطر الإرهابية، إضافة إلى طالبي اللجوء وعديمي الجنسية والنساء الذين ظلوا عرضة للإساءة رغم القوانين واللوائح الجديدة التي تهدف إلى حماية الحقوق بشكل أفضل، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل يمتد إلى العمالة الوافدة، التي تصر قطر على انتهاك القوانين واللوائح المنظمة لتلك العمالة، ومؤخراً كشفت أزمة "كورونا" (كوفيد 19) عن انتهاكات أخرى بحق تلك العمالة وطريقة التعامل معها.

وقد طردت قطر طالبي لجوء رغم وضعها قانون للجوء في 2018، وظلت عائلات بأكملها سُحِبت منها الجنسية بشكل تعسفي منذ 1996، محرومة من حقوق الإنسان الرئيسية دون وجود سبل واضحة لاستعادة جنسيتها الملغاة.

وظل أفراد عديمي الجنسية من عشيرة الغفران، الذين سحبت السلطات الجنسية القطرية تعسفيا منهم منذ أكثر من عقد، محرومين من حقوقهم في العمل، والحصول على الرعاية الصحية، وتلقي التعليم، والزواج، وإنشاء أسرة، والتملك، فضلاً عن حرية التنقّل، ولم تلتزم قطر بتصحيح وضعها.

وهددت إدارة البحث والمتابعة التابعة لوزارة الداخلية في قطر شخصَيْن بالترحيل مرارا لأسباب غامضة رغم رغبتهما المعلنة بطلب اللجوء بموجب قانون 2018، وفقا لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية "هيومن رايتس ووتش".

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "قطر تمرر بشكل استعراضي القوانين واللوائح المصممة لحماية حقوق العمال واللاجئين على الورق، لكن دون تنفيذ فعال وإنفاذ صارم، لا تساوي هذه القوانين ثمن الحبر المكتوبة به ويبقى الناس عرضة لسوء المعاملة الخطير، لا يمكن لقطر أن تدّعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان بينما لا تحترم معاناة المجتمعات، كتلك التي سحبت جنسيتها".

وفيما يتعلق بسحب الجنسية من أبناء القبائل والمعارضين لنظام وسياسات الدوحة، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، إن قرار قطر بسحب الجنسية تعسفا من أسر من عشيرة الغفران، ترك بعض أفراد العشيرة من دون جنسية بعد عشرين سنة وحرمهم من حقوق أساسية.

ويعتبر أفراد عشيرة الغفران عديمو الجنسية محرومين من حقوقهم في العمل اللائق، والحصول على الرعاية الصحية، والتعليم، والزواج وتكوين أسرة، والتملك، وحرية التنقل.

وبدون وثائق هوية سارية، يواجه المحرومون من جنسيتهم قيودا على فتح الحسابات المصرفية والحصول على رخص القيادة ويتعرضون للاعتقال التعسفي، بحسب المنظمة الحقوقية الدولية.

كما أن المقيمين منهم في قطر محرومون أيضا من مجموعة من المزايا الحكومية المتاحة للمواطنين القطريين، كالوظائف الحكومية، ودعم الغذاء والطاقة، والرعاية الصحية المجانية.

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "لا يزال العديد من أفراد عشيرة الغفران عديمي الجنسية محرومين من الانصاف اليوم. ينبغي للحكومة القطرية إنهاء معاناة أولئك الذين بلا جنسية فورا، وأن تمنحهم هم ومن حصلوا منذ ذلك الحين على جنسيات أخرى، مسارا واضحا نحو استعادة جنسيتهم القطرية".

وقابلت هيومن رايتس ووتش 9 أفراد من 3 عائلات بلا جنسية من عشيرة الغفران يعيشون في قطر، وشخص آخر من عائلة رابعة يعيش في السعودية. تضم العائلات مجتمعة 28 فردا عديمي الجنسية.

ووصف أحد أبناء العشيرة "56 عاما"، وقد سُحبت جنسيته هو وأطفاله الخمسة في 2004، أثر ذلك: "ليس لدي أي ممتلكات باسمي، لا بيت، لا دخل، لا بطاقة صحية، ولا يمكنني حتى فتح حساب مصرفي، كما لو أنه لا وجود لي. عندما أمرض، "بدلا من الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى"، أتناول الـ "بنادول"، "مسكن للألم لا يحتاج لوصفة طبية"، وأتمنى التحسن".

وعشيرة الغفران "أو فخيذة الغفران بحسب التسمية المحلية"، هي فرع من قبيلة آل مُرَّة، المنتشرة في منطقة الخليج وتُعتبر من أكبر القبائل في قطر. وقد سحبت قطر الجنسية منهم بدءا من عام 1996.

وراسلت هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية القطرية في 29 أبريل 2019 للإعراب عن قلقها بشأن وضع عشيرة الغفران، لكن لم تتم الإجابة على الرسالة، بحسب تقرير المنظمة.

وذكرت المنظمة أن العديد من أجرت معهم مقابلات نفوا امتلاكهم لجنسية ثانية كما تدعي السلطات القطرية، فيما أوضح البعض أنهم لم يتمكنوا لاحقا من الحصول على جنسية ثانية، وحصل آخرون على جنسية ثانية لكنهم أكدوا أن أصولهم قطرية.

ولم يتلق هؤلاء أي اتصال رسمي أو بيان مكتوب من السلطات القطرية يوضح سبب سحب جنسيتهم أو يمنحهم فرصة للطعن.

وخلال أعوام مضت، ناشد نشطاء من الغفران مجلس حقوق الإنسان لمساعدتهم في استعادة الحقوق المفقودة لعشيرتهم.

وقالت فقيه: "ينبغي للحكومة القطرية إنشاء نظام يتسم بالشفافية وفي حينه لمراجعة مطالبات أفراد عشيرة الغفران بالجنسية. على قطر متابعة الخطوات الإيجابية التي اتخذتها مؤخرا في المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان الأساسية والتأكد من احترام الحقوق المنصوص عليها فيها".

في شأن متصل، أصدرت السلطات القطرية قراراً بسحب جنسية الشيخ شافي ناصر حمود الهاجري، شيخ "شمل الهواجر" ومجموعة من أفراد عائلته.

ونقلت قناة "العربية" الفضائية، أن تقارير إخبارية أكدت انتهاك الدوحة لحقوق شيخ الهواجر وعائلته عقب إدانته لتصرفات السلطات بحق جيرانها.

ورفض الشيخ الهاجري، ما تقوم به الحكومة القطرية من تصرفات تهدد الأمن الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي، معرباً عن استنكاره لتصرفات السلطات القطرية العدائية تجاه محيطها.

وأطلق مغردون على "تويتر" "هاشتاق" بعنوان "#سحب_جنسية_شيخ_شمل_ الهواجر"، نددوا فيه بسياسة قطر القمعية تجاه معارضيها، مشيرين إلى تفاقم الغضب الشعبي من هذه السياسات.

كما سحب النظام القطري الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم، وأكثر من 55 شخصاً من أسرته، الأمر الذي قوبل بغضب عالمي واسع.

وتطالب منظمات حكومية عربية وعالمية المجتمع الدولي بمقاضاة الدوحة لانتهاكهات للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة، بتجريد مواطنين قطريين ومعارضين من جنسياتهم.

في المقابل، تمنح الحكومة القطرية الجنسية لمطلوبين فارين من موطنهم الأصلي لأسباب عديدة، أبرزها التخابر والخيانة.

وفيما يتعلق بانتهاكات قطر لحقوق العمالة الوافدة، كشف تقرير أمريكي حول حقوق الإنسان في قطر لعام 2019 عن وجود انتهاكات تتعلق بقضايا حقوق الإنسان في قطر، خصوصا فيما يتعلق بالعمالة الوافدة وغير المواطنين.

ويبين التقرير، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، أنه بخلاف ما تروج له وسائل الإعلام القطرية أو المرتبطة بها، فإن قطر لا تتمتع بالحريات ولا تسمح بها، كما أن حكومتها لا تخضع للمساءلة، خصوصا فيما يتعلق بقضايا الفساد.

كما أشار تقرير مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال، التابع للخارجية الأمريكية، إلى القيود المفروضة على حرية حركة تنقل العمال الوافدين إلى الخارج، ورفض منح اللجوء السياسي رغم خطر الاعتقال والتعذيب، كما أشار إلى أن الحكومة القطرية اتخذت خطوات محدودة لمحاكمة المشتبه في ارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان.

وتطرق التقرير إلى حالة اعتقال لامرأة قطرية، في فبراير الماضي، بعد أن نشرت رسالة على إنستغرام تحث فيها الحكومة القطرية على مساعدة القطريين المحتاجين، الأمر الذي اعتبر انتقادا للحكومة.

وفي مايو، تم تسريب تسجيل صوتي للمرأة ذاتها يفيد بأنها تعرضت للاعتقال التعسفي، بدون محاكمة أو اتهام، لعدة أشهر، ولم يصدر أي بيان رسمي ردا على هذه المزاعم.

وأفاد التقرير بأن القوانين القطرية تتضمن إجراءات تقييدية بشأن إنشاء الصحف وإغلاقها ومصادرة أصول المنشور، مشيرا في هذا الخصوص إلى إغلاق "مركز الدوحة لحرية الإعلام"، الممول من الحكومة، خلال العام المنصرم دون تفسير رسمي.

وأوضح التقرير أن أفراد الأسرة الحاكمة، أو المحسوبين عليهم ممن يتمتعون بعلاقات وثيقة مع المسؤولين الحكوميين، يمتلكون جميع وسائل الإعلام المطبوعة، وأن كل وسائل الإعلام تعكس وجهات نظر الحكومة.

وقال التقرير إن قطر تقييد المحتوى في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وعلى الإنترنت، وأنها تقوم بمراقبة الصحف والمجلات والأفلام والكتب الأجنبية أو فرض الرقابة عليها أو حظرها.

وتناول التقرير مسألة اللجوء السياسي في قطر، التي كانت قد أصدرت قانونا، في سبتمبر 2018، لمنح وضع اللجوء السياسي لطالبي اللجوء.

وقال التقرير إنه حتى الآن لم يحصل أحد على اللجوء السياسي من خلال هذا التشريع، مشيرا إلى حالة مواطن يمني كان قد تقدم بطلب اللجوء، غير أنه لم يحصل على حق اللجوء، وبدلا من ذلك طلبت الدوحة منه أن يلتمس وأسرته اللجوء في بلد ثالث.

وأشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن وسائل إعلام دولية ومنظمات حقوقية تحدثت عن العديد من الانتهاكات ضد العمال الأجانب في قطر، بما في ذلك العمل القسري أو الإجباري، والأجور المحتجزة، وظروف العمل غير الآمنة، وأماكن المعيشة المعيشية السيئة، وأرباب العمل الذين يصادرون بشكل روتيني جوازات سفر العمال، ونظام الكفالة يمنح أصحاب العمل سيطرة مفرطة على العمال.

وقال إنه تم إبلاغ منظمة العفو الدولية، خلال العام الماضي، عن عدة حالات من بطء الوصول إلى العدالة بعد أن رفضت 3 شركات متوسطة الحجم دفع الأجور، واحتجزت جوازات السفر، ورفضت المثول أمام المحكمة، وأشارت المنظمة إلى أن القانون يسمح بفرض العمل القسري على أولئك الذين لديهم آراء سياسية تعارض أيديولوجيا النظام السياسي والاجتماعي القائم.

وأشار التقرير إلى أنه لا تزال هناك مؤشرات مستمرة على العمل الجبري، ولا سيما في قطاعي البناء والعمالة المنزلية، مما أثر بشكل غير متناسب على العمال الوافدين، الذي تكبدوا أموالا كثيرة من أجل العمل في قطر، الأمر الذي أوقعهم تحت طائلة ديون طويلة الأجل، وجعلهم أكثر عرضة للاستغلال.

وتناول التقرير مسألة انتهاكات الأجور والعمل الإضافي ومعايير السلامة والصحة، باعتبارها من الانتهاكات الشائعة في قطر، لافتا إلى أن هذه الممارسات تكثر في القطاعات التي تستخدم العمال الأجانب، حيث ظروف العمل سيئة في كثير من الأحيان، على حد تعبيره.

وأوضح التقرير أن الحكومة القطرية لم تتعامل مع هذه القضايا بشكل فعال، وطالب أصحاب العمل بأن يدفعوا لموظفيهم إلكترونيا، مشيرا إلى أن العقوبات التي يواجهها أصحاب العمل الذين لم يدفعوا لعمالهم لم تكن كافية لردع الانتهاكات.

وقال التقرير إن السلطات القطرية لا توفر حماية فعالة للموظفين الذين يحاولون إبعاد أنفسهم عن المواقف التي تعرض صحتهم أو سلامتهم للخطر دون أن تعريض عملهم للخطر.

وأوضح أن أصحاب العمل غالبا ما يتجاهلون قيود ساعات العمل والقوانين الأخرى فيما يتعلق بعاملات المنازل والعمال غير المهرة، ومعظمهم من الأجانب، كما أوضح أن بعض أصحاب العمل لم يدفعوا للعاملين مقابل العمل الإضافي أو الإجازة السنوية، وأن العمال الأجانب غير المهرة يقيمون في ظروف ضيقة وقذرة وخطيرة، وغالبا بدون مياه جارية أو كهرباء أو طعام كاف.

وأفادت تقارير إخبارية ومسؤولون بالسفارات الأجنبية بأن بعض أصحاب العمل حرموا عاملات المنازل من الطعام أو من الوصول إلى الهاتف.

بالإضافة إلى ذلك، فقد جدت المنظمات غير الحكومية الدولية أن العمال الأجانب واجهوا عقبات قانونية وعمليات قانونية طويلة منعتهم من التماس الإنصاف عن الانتهاكات وظروف الاستغلال.

وأشار إلى القادة العماليين الوافدين سلطوا الضوء على تردد العمال المستمر في الإبلاغ عن محنتهم بسبب الخوف من الانتقام.

وفي مايو الماضي، تظاهر عمال أجانب في الدوحة في واقعة نادرة في قطر، احتجاجا على عدم دفع أجورهم.

وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي نحو مئة شخص يغلقون طريقا رئيسية في حي مشيرب في الدوحة على مرأى من عناصر الشرطة.

ويشكل الأجانب 90 بالمئة من عدد سكان قطر البالغ 2.75 مليون نسمة، وغالبيتهم من دول نامية يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة الدوحة لكأس العالم في كرة القدم للعام 2022.

وتعرّضت الدوحة لانتقادات من منظمات حقوقية بسبب حقوق العمالة.

وحذّرت منظّمة العفو الدولية من أنّ قطر تُخاطر "بمخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدّي لعملية الاستغلال العمّالي الواسع النطاق لآلاف العمّال الأجانب" قبل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها في العام 2022.

ولم يكن العمال الأجانب في منأى من انتشار فيروس كورونا المستجد، فأصيب به عدد كبير منهم أو باتوا بدون عمل.

ولا يكاد يمر يوم منذ ظهور أزمة فيروس كورونا المستجد، إلا وتتكشف فضيحة تلو الأخرى لنظام الحمدين في قطر، لتؤكد فشله الأخلاقي والإنساني وازدواجيته وتناقضاته في التعامل مع مختلف القضايا.

وسجل النظام القطري سقوطا أخلاقيا مدويا، كان آخرها انهيار مستشفى ميداني كان مخصصا لعلاج مرضى فيروس"كورونا" المستجد، بعد أيام من إنشائه.

وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن تفشي فيروس "كورونا" في السجن المركزي بالدوحة، وطالبت سلطات قطر باتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير حماية أفضل للسجناء وموظفي السجون.

ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش قصصا مأساوية وانتهاكات بالجملة لحقوق السجناء في قطر، على خلفية انتشار كورونا.