أي ممارسة سياسية تظهر للعلن بواسطة جمعية سياسية أو أفراد مستقلين من البديهي أن تخضع لمعايير منهجية، وبشكل عام يمكن تقسيم المعايير المطلوب توافرها لدى المرشح أو أي مجتهد سياسي إلى ضوابط قانونية ومحددات ثقافية، وقبل تناول تلك المعايير من المفيد أن نذكر بالمقومات الأساسية المفترض أن يتمتع بها أي مرشح نيابي، والتي بدونها يفرغ العمل النيابي من مضمونه ويصبح الأمر أقرب للعبث منه إلى العمل المنظم القابل للقياس، من أمثلة تلك الأساسيات ضرورة إلمام المرشح بدستور المملكة وتفسيره وبقوانين ولوائح المجلسين والقوانين المنظمة لعلاقة المؤسسات الدستورية بعضها ببعض، والتي بالمناسبة متوافرة على موقع البرلمان البحريني على الإنترنت، فإن غابت عن المرشح تلك المعرفة البديهية أصبح لا يصلح لخوض المعترك الانتخابي من الأساس.

أما المقصود بالمعايير المنهجية فهي الإلمام بالمقدمات العلمية التي تمكن المرشح من لعب دور إيجابي في أثناء أداء المهام الموكلة إليه، من جانب آخر تجعل أعماله قابلة للقياس والمراقبة والمتابعة، فالضوابط القانونية هي تلك الضوابط التي تحدد نطاق المباح في العمل السياسي، يحددها الدستور بالإضافة إلى القوانين واللوائح المكملة التي ترسم قواعد اللعبة السياسية إن صح التعبير، لذلك الخروج عن الضوابط القانونية يعني الفوضى، كأن يقترح فريق أو فرد تعديل بعض أو كل مواد الدستور باللجوء لأدوات من خارج المؤسسات الدستورية وبالمخالف لنصوص الدستور ذاته.

أما المحددات الثقافية فتتعلق بقدرة المرشح النظرية على فهم الأفكار والمفاهيم العامة والأيديولوجيات المختلفة، مثل: ماهية الديمقراطية أو التعددية أو المساواة أو مفهوم النظام العام والتفرقة بين الحق والقانون... إلخ، هذا الجسر المعرفي الذي يفصح عنه المرشح يشكل نافذة الناخبين للاطلاع على الأسس التي يبني عليها تصوراته ومشاريعه السياسية، ولا ننسى أن نطاق وظيفة المرشح أو النائب لا ينحصر عند الشأن المحلي بل يمتد إلى التعاطي في الشأن الخارجي، وحماية مصلحة البلاد أمام الثقافات والتوجهات والأيديولوجيات المختلفة إقليمياً ودولياً.