توفيت الشابة بتول السيد، وانتهت معها أحلامها وأحلام مَن حواليها من أهل وأقارب، لم أعرفها شخصياً وهو حال كثير من أبناء مجتمعنا إلا حديثاً، والسبب الحادث الأليم الذي تعرضت له، رغم من أنها لم تكن طرفاً في الحادث إلا أن مشيئة الله كانت أن تكون هناك «رحمها الله».

المجتمع كله تأثر بما حصل، رغم أنها ليست الحادثة الأولى، والكثير طالب وناشد وتمنى أن تكون هناك ردة فعل، لا أقصد نحو السائق المتسبب في الحادث، بل ضد «الاستهتار» ومن خلفه. هناك عدة جهات تقف خلف استهتار بعض قائدي المركبات في مجتمعنا، وأولها المجتمع نفسه، ثم لعدم وجود الحزم مع وجود الرادع. أفراد المجتمع هم أنفسهم السواق، وكل فرد منا يمارس نوعاً من أنواع الاستهتار بشكل مقصود أو غير مقصود، فهناك من يستسهل بالسرعة القانونية، وهناك من يستسهل بالإشارات الضوئية، وهناك من لا يحترم الخطوط بالشارع خاصة المثلث وهناك من يستسهل في أمور بسيطة مثل ربط الحزام واستخدام الهاتف أثناء القيادة وغيرها من التصرفات التي لا ندرك أنها استهتار. كما أن المجتمع وبشكل مبسط الأسرة، حين يأتيها اتصال من «ابن/ابنة» بأنها تسببت بحادث، تجد في الغالب الأب أو الأم يرمون السبب على الطرف الآخر في الحادث، بمحاولة إخراج فلذة كبدهم من المشكلة، متناسين بأنهم يقومون بزرع مفهوم عدم تحمل المسؤولية وإننا أفضل من الجميع. وأما عن الحزم، فنعلم أن الجهات المعنية ومنها الإدارة العامة للمرور تقوم بعمل كبير لتبقى شوارعنا آمنة وحياتنا في سلام، إلا أن المشكلة هنا في أمرين، الأول أن رصد أنواع المخالفات يكون عن طريق «حملة» أي بشكل ووقت عشوائي، والواجب أن تبقى شوارعنا دوماً في حالة مراقبة وبأساليب حديثة مثل «الدرون» والكاميرات الأمنية، والأمر الثاني نوع الجزاء، ففي حالة تجاوز السائق من الخط الأصفر وتسبب بحادث له جزاء وإذا تجاوز فقط فإن الجزاء غالباً ما يكون أبسط، وهو ما يساعد المستهترين في ارتكابها. في إحدى الدول الخليجية كنت مستأجر سيارة أثناء وجودي هناك، وبسبب العادة التي اعتدنا عليها مع الوقت كنت أقود بأسلوبي الذي أقود فيه بالبحرين، توقفت عند الإشارة الحمراء فإذا برجل المرور يطلب مني التوقف جانباً! ودون تساهل طلب مني رخصة القيادة وسألته عن السبب، فقال لي لماذا دهست على الخط؟ رغم أني لم أتجاوز الإشارة، إلا أنه النظام فقد تجاوزت الخط. المخالفة كانت قاسية إلا أنها كانت سبباً في أن أعدل في سلوكي حتى بعد عودتي للبحرين. الإدارة العامة للمرور نشكركم على جهودكم وبذلكم، ونتمنى منكم المزيد بأن تكونوا الحامي الأول من بعد الله للناس في الشوارع من المستهترين، فالسائق اليوم ليس كما عهدتم قبل سنوات، والرادع يجب أن يواكب شارع اليوم.