يطل علينا تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية كل عام مثقلاً بالعديد من الملاحظات، بعضها ملاحظات إدارية من الممكن أن نطلق عليها ملاحظات إجرائية لها تبرير إداري منطقي مثل عدم توفر الميزانية، وبعضها يرتقي إلى مصاف المخالفات الجسمية التي تُحوَّل إلى النيابة العامة للتعامل معها.

لا أعلم إذا ما كان الإعلام يهوِّل الموضوع عبر نشر مانشيتات وعنوانين رنانة تستفز القارئ وتشعره بأن بعض المؤسسات الحكومية ليست أهلاً بالثقة وأن هناك مسؤولين غير جديرين بالمناصب التي يشغلونها، أم أنها نقلت لنا الملاحظات كما وردت نصاً من تقرير الرقابة المالية والإدارية!!

ملاحظات صادمة بعضها لها تبعات على مختلف مناحي الحياة، وبعضها من الممكن أن يؤدي إلى أزمات قد تتشعب ولا يُحمد عقباها.

رأيي المتواضع

الشفافية نهج وطني ثابت، ولهذا يُنشر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للجميع، وفي وجهة نظري المتواضعة أن ما يقوم به ديوان الرقابة المالية والإدارية من جهود في رصد هذه المخالفات يستحق الإشادة، فهو عين راصدة لأي تجاوز أو مخالفة. ولكن ماذا بعد الرصد؟ وماذا بعد نشر التجاوزات؟

لم نسمع عن إقالة وزير بسبب تجاوزات رصدها التقرير؟! لم نسمع عن مسؤول قدم اعتذاراً مشفوعاً باستقالة نظراً لدوره في تجاوز ما؟! لم نسمع عن إجراءات تصحيحية سريعة لتجاوز خطير.

وفي رأيي المتواضع أنه مثلما يتم نشر ما ورد في تقرير الرقابة المالية والإدارية في الإعلام، أن يتم نشر القرارات والإجراءات المترتبة على هذه الملاحظات لكي يعرف المواطن بأن هناك محاسبة بعد إعلان ملاحظات التقرير، وأن الموضوع لا يقف عن رصد المخالفات بل يتعداها إلى المحاسبة والتصحيح والتصويب.

في رأيي المتواضع ومن خلال رصد تعليقات المواطنين على ما ورد في التقرير، نرى أن هناك استياء واضحاً من بعض الملاحظات التي تصل بالمواطن إلى حد فقد الثقة، وهو أمر يجب الوقوف عنده بوعي وإمعان. فالكثير من التعليقات كانت تعليقات في غاية السلبية والسوداوية، فتكرار المخالفات وعدم تأثير الإجراءات التأديبية يحتاج إلى مراجعة!! ولاسيما بعض التبريرات العقيمة التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

قد نقدّر بعض الأسباب الرامية إلى عدم وجود ميزانية!! ولكننا بطبيعة الحال نرفض التبريرات التي تنص على أننا سنقوم بمراجعة الأمر!! عذراً «مراجعة الخطأ بعد رصده من قبل الديوان» ليس تبريراً!! بل هو مؤشر على أن هناك «خللاً».

نعمل في مملكتنا الغالية وفق منهجية عمل واضحة وشفافة مرتبطة بأهداف واضحة ودقيقة وبأدوات قياس محكمة.. فإذا كان البعض لا يستطيعون مواكبة هذه المنهجية فليترجّل على صهوة جواده ويرحل ويترك القيادة لغيره، فهناك الكثير من الطاقات البحرينية القادرة على تحقيق الأهداف من أجل رفعة ونماء الوطن والمواطن. فلا مكان لأي شخص من شأنه أن يعطل مسيرة التنمية الوطنية في فريق البحرين المُنجِز والذي يؤمن بحب التحدي وعشق الإنجاز.