أنزل الله سبحانه وتعالى سورة في القرآن الكريم وأسماها بسورة الحج وبدأها بالحديث عن زلزلة يوم القيامة وحشر الناس قي ذلك اليوم، وبعدها جاء الحديث في تلك السورة عن مناسك الحج الذي هو مشهد مصغر ليوم القيامة وهوله حيث يحشر الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فوق جبل الرحمة في يوم عرفات الكل يلبس لباساً واحداً لا تفرقة بين الغني والفقير، والكل يلهث بالتلبية والدعاء إلى الله عز وجل في منى وعرفات ومزدلفة، حيث يتأثر الحجاج في ذلك اليوم بمشاعر لا يمكن وصفها لأنها تختلط فيها مشاعر الدنيا بالآخرة والشوق يحذوها وهي في سكينة تامة ونشاط فكري وعقدي على الرغم من التعب البدني، إنه لأمر رباني وصنع إلهي، إنه اجتماع في كل عام مرة يجتمع عليه المسلمين على كلمة الله سبحانه وتعالى وشعارهم من سورة الحجر الآية 88 «وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ»، حيث تركوا الأهل والولد والديار والتجارة وذلك مرضاة لله عز وجل أتو بكل إرادة ومحبة دون إكراه وغصب تلبية لأمر الله سبحانه وتعالى، قطعوا المسافات البعيدة أتو براً وبحراً وجواً إلى ذلك البيت الذي جعله الله قياماً للناس.
وأول ما يصل حجاج بيت الله الحرام إلى الميقات للأحرام وهو الحدود الفاصلة لمداخل الحرم المكي شرفه الله وهو أول مناسك الحج عاقدين العزم بالنية للأحرام بالحج والعمرة والذي يستضيف فيه عباده المؤمنين من مشارق الأرض ومغاربها نازعين من قلوبهم الدنيا متوجهين إلى الله بقلب سليم متشرفين بشرف بضيافة الله لعباده المؤمنين «ضيوف الرحمن».
ومع ذلك المشهد العجيب الذي لرهبته تذرف الدموع إنها دموع الفرح والسعادة بالرغم أن ذلك اللبس الأبيض المصنوع من قطعتين إيزار ورداء وفي هذا الموقف الجميع سواسية. وعند مشاهدة الكعبة المشرّفة زادها الله تعظيماً وتشريفاً وهي كالعروس تجلى بطلتها البهية وترفل بالحسن والجمال محفوفة بوفود الرحمن والكل يطلب جنة الرحمن جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وأن هذا البيت هو ملجأ الخائفين ومن دخله كان آمناً.