رعاية.. حماية.. مكتب الصلح.. سؤال الطفل لمرة واحدة جميعها أبواب لدرء العواقب وبدء صفحة جديدة، وهي عناوين لمبادرات أطلقتها النيابة العامة حفاظاً على الروابط الأسرية، وللحفاظ على حقوق الأطفال ومستقبلهم، سواء كانوا جناة أم مجنياً عليهم، ففي النهاية هم أطفال بحسب القوانين البحرينية والمعاهدات الدولية.
ومن أحدث المبادرات التي أطلقتها النيابة العامة إنشاء « مكتب الصلح» في القضايا الأسرية، بقرار صادر من النائب العام د. علي البوعينين قبل يومين، ويختص باتخاذ إجراءات الصلح في القضايا المحالة إليه من قبل نيابة الأسرة والطفل، والجرائم المرتكبة من قبل الأطفال التي تتجاوز أعمارهم 15 سنة، ولم تتجاوز 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة التي يجوز فيها الصلح والتصالح والتنازل قانوناً.
وجاء في نص القرار «تحيل نيابة الأسرة والطفل إلى مكتب الصلح القضايا التي ترى في إحالتها إلى المحكمة ما يؤثر سلباً على الوشائج الأسرية أو مصالح الطفل الفضلى، وتستدعي لظروفها وأبعادها النظر في إمكان حسمها من خلال إجراءات الصلح وفقاً للقواعد والمعايير المراعية لتلك المصالح والواردة بالقانون الوطني والصكوك الدولية المنضمة إليها المملكة»
وللقرار الصادر ضوابط وهي أن يتم عرض الصلح والتنازل على الأطراف في حيادية تامة، ولمرة واحدة فقط، وموافقة جميع الأطراف للسير في الإجراءات، وحضور ولي أمر الطفل أو المسؤول عنه، مع التأكيد على ضمان الأطراف جميعاً في الحصول على المشورة القانونية، وحدد مدة زمنية أقصاها أسبوعين، ويجوز تمديدها لمدة مماثلة ولمرة واحدة فقط.
تفاصيل هذه الإجراءات والاشتراطات التي ستكون مقدمة على سائر التدابير القضائية، لها مدلولات كثيرة، منها تحقيق الحماية الشاملة للأطفال، والحفاظ على نفسية الطفل سواء المجني عليه أو المتهم، فإجراءات التحقيق والتقاضي لها آثار نفسية سلبية على الطرفين، وقد تدوم لسنوات، فهما ما زالا في مرحلة الطفولة، وما زال بعض الأطفال الجانحين والمتهمين في تلك القضايا غير مدركين لنتاج أفعالهم، وهذه فرصتهم نحو طريق الإصلاح تمنح لمرة واحدة، حتى لا تكون سائبة وحفاظاً على الحقوق.
القرار سيكون له دور في خفض القضايا المحالة للقضاء، وسيحفظ النشء من ارتكاب الجرائم، ومنحهم فرصة للبدء من جديد، وتشييد درع للوقاية والحد من الجرائم الواقعة سواء من أو على الطفل من خلال دراستها ووضع خطط لمعالجتها، وهذه من المهام المناطة للمكتب، بمعنى دوره الصلح والوقاية.