نعم، هذا أمر صحيح، إذ تلقى لاعبو منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم تهديدات بالقتل، بالإضافة إلى سيل من الكلام البذيء والتطاول والإهانات من قبل بعض الجماهير الإندونيسية، والتي قامت أيضاً بتهديد الحكم العماني أحمد الكاف بالقتل، وشن موجة عارمة من الاستهداف بالإساءات في الفضاء الإلكتروني.

.طبعاً أضيفوا للاعبينا والحكم العماني الشقيق، كبار مسؤولي الرياضة البحرينية ومسؤولي اتحاد كرة القدم وحتى الجماهير البحرينية، في موجة استهداف غير مسبوقة، إضافة لهجمات سيبرانية على موقع الاتحاد البحريني، والسبب في ذلك كله مباراة لكرة القدم!

.هنا ليس انتقاصاً من أي رياضة وتأثيرها واهتمام البشر لها لدرجة تصل للتعصب، لكن أن تصل الأمور لمستوى التهديد بالقتل والإيذاء الجسدي، فإن المسألة تتجاوز كل الأعراف الإنسانية، وتضرب شعار الاتحاد الدولي لكرة القدم ”الفيفا“ بعنوان ”اللعب النظيف“ في مقتل.

.ما يحصل من ”جنون“ إن صح لنا الوصف، ذكرني بتلك الحادثة الأليمة عام ١٩٩٤ عندما خرج اللاعب الدولي الكولومبي أندرياس إسكوبار من أحد المطاعم في مدينة ”ميدلين“ الكولومبية وتعرض لإطلاق نار من عصابة تتكون من ثلاثة أفراد، أفرغوا في جسده ١٢ رصاصة بعد مشادة بسبب تسجيله هدفاً بالخطأ في مرمى المنتخب في كأس العالم في مباراة كولومبيا أمام الولايات المتحدة قبل حادثة اغتياله بعشرة أيام فقط.

.إن كرة القدم والرياضة عموماً وجدت لتمثل إحدى أدوات السلام وتلاقي الشعوب، وحينما تنحرف بسبب تصرفات غوغائية ونزوح باتجاه إشاعة أجواء الخوف والترهيب، فإنها تفقد قيمتها، وتجعل الناس تنفر منها.

.ما تعرض له الحكم العماني أحمد الكاف بعد مباراتنا مع المنتخب الأندونيسي أمر يندى له الجبين، وترفضه الأعراف الإنسانية، ولا يجب السكوت عليه.

.

والمشكلة أن الوضع استفحل وانتقل لتهديد لاعبي منتخبنا الوطني والتطاول على كبار المسؤولين البحرينيين في حساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وبدا التلويح بالانتقام وكأنه تهديد لمنتخبنا في مباراة العودة في إندونيسيا ضمن منافسات الملحق المؤهل لكأس العالم، في تلويحات غريبة، إذ ما ذنب لاعبينا ليطالهم كل هذا؟! وما ذنب الحكم ليهدد بالقتل وهو الذي طبق النظام والقانون بشأن احتساب الوقت المهدور حتى أثناء الوقت المحتسب كبدل ضائع؟!

.لقد استنكر الجميع، من اتحاد عماني، وعقلاء رياضيين وأناس ينظرون للرياضة على أنها وسيلة سلام، وخيراً فعل الاتحاد البحريني لكرة القدم في بيانه الذي أصدره أمس، وطالب فيه بنقل مباراتنا مع إندونيسيا إلى مكان آخر وبلد محايد، لأن التهديدات التي طالت لاعبينا مقلقة، ولا يمكننا أن نأمن على سلامتهم أو سلامة البعثة البحرينية، ومثلما شهدنا التطاول والانفلات بحق الحكم العماني لمستوى خطير دون ردات فعل سريعة من الجهات المسؤولة، فلا يمكن المخاطرة إطلاقاً بذهاب منتخبنا إلى هناك.

.للأسف حتى الرياضة باتت وسطاً متاحاً لممارسة العنف والتهديد بالقتل، والكارثة أن وسائل التواصل الاجتماعي كفضاء مفتوح باتت وكأنها وسيلة مفضلة لممارسة الابتزاز والتهديد واستهداف البشر، دون رادع قوي أو مساءلة جادة لمن يظن بأن سلامة الآخرين وتهديدها تسلية وهواية.

.سلامة لاعبينا مسؤولية اتحادنا، وعلى الاتحاد القاري أن يأخذ مواقف جادة بشأن ما حصل، لا نريد لحادثة إسكوبار أن تتكرر لا سمح الله، ولا نريد لأي تصرفات دخيلة ومرفوضة أن تشوه كرة القدم بهذا الشكل.