في مضامين الخطاب الملكيّ السامي الّذي ألقاه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعيّ السادس لمجلسي الشورى والنوّاب؛ تجلّت الرؤية الملكية الحكيمة في رسم خارطة مستقبل وطننا العزيز. حيث لم يقتصر خطاب جلالة الملك المعظم على كونه توجيهاً للحكومة ومجلس النوّاب؛ بل كان دعوة إلى المواطنين كافّة للتكاتف من أجل البناء والتطوير، مستلهماً جلالته مسيرة البحرين الزاخرة بالنجاحات كدولة مؤسّسات وقانون تتطلّع دائماً نحو الأمام، وخارطة طريق ترتكز على القيم العميقة للهويّة الوطنيّة والرؤية المستقبليّة الّتي أصبحت السمة المميّزة للقيادة الحكيمة للملك المعظم، ورسالة سلام يحرص جلالته، أيّده اللّه، دائماً على التأكيد عليها في إطار دعم مملكة البحرين للقضايا العادلة، ومساعيها لنشر السلام والاستقرار العالمييّن.

.الخطاب السامي الّذي يتزامن مع اليوبيل الفضّيّ لتولّي جلالة الملك المعظم مقاليد الحكم؛ جاء ليؤكّد أولويّات العمل الوطنيّ الّتي ترتكز على تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، مع التأكيد على أهمّيّة مشاركة المواطن في الحفاظ على المكتسبات الوطنيّة، ومشدّداً على الثوابت البحرينيّة تجاه الأمّة العربيّة والدفاع عن قضاياها.

.إنّ إشادة جلالة الملك المعظم بجهود صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه، في متابعة تنفيذ المشاريع الحكوميّة وتقديم أرقى الخدمات للمواطنين؛ لَيُؤكّد قوّة الدور الّذي يقوم به سموّه لضمان استمراريّة التقدّم في كافّة القطاعات، وفي توجيه رؤية البحرين الاقتصاديّة إلى الأمام مدفوعة بالرؤى الطموحة والروح الجماعيّة لفريق البحرين الّذي يعمل بتناغم من أجل رفعة الوطن في مختلف الميادين.

.من خلال رؤية قياديّة فذّة تسعى دائماً لتقديم الأفضل لأبنائها، ينظر جلالة الملك المعظم إلى المستقبل بروح ملؤها الطموح والعزيمة، حيث أكّد جلالته على أهمّيّة تسريع تنفيذ خطط التنمية المستدامة المستندة إلى رؤية البحرين الاقتصاديّة 2030، مع التطلّع نحو إطلاق نسختها الجديدة لعام 2050. هذه الرؤية تجسّد الحرص الملكيّ على بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة، وتعكس التزام القيادة بتوفير حياة كريمة للمواطنين، وضمان استدامة التقدّم في جميع المجالات.

.وما يجعل هذا الخطاب استثنائيّاً؛ هو تأكيد جلالته على أهمّيّة تأصيل الهويّة البحرينيّة والدور الّذي تلعبه في تشكيل مستقبل البحرين، حيث يعكس التوجيه بإجراء دراسة شاملة لقياس مدى جاهزيّة البحرين في تعزيز هويّتها الوطنيّة نهجاً استشرافيّاً يضمن أنّه في الوقت الّذي تتبنّى فيه المملكة التحديث والابتكار، فإنّها تظلّ متجذّرة بعمق في تقاليدها وقيمها الأصيلة. يمثّل هذا التوازن بين التحديث والحفاظ على الثقافة بوصلة لكلّ أفراد المجتمع البحرينيّ نحو تعزيز الانتماء والولاء الوطنيّ، والحفاظ على القيم والثوابت الّتي شكّلت هويّة البحرين الرصينة عبر التاريخ.

.وفي إطار حرص البحرين على تعزيز ريادتها في مختلف المجالات؛ جاء توجيه جلالته بالاستفادة من التقنيّات الحديثة، لاسيّما الذكاء الاصطناعيّ، لدفع عجلة النموّ في مختلف القطاعات؛ لَيُؤكّد إصرار المملكة على تبنّي أحدث التقنيّات لخدمة المواطن وتحقيق الرفاهية العامّة، ما يضمن أن تكون الأجيال القادمة مجهّزة جيّداً لمواجهة تحدّيات العصر الرقميّ.

.لم يكن خطاب جلالة الملك المعظم موجّهاً فقط إلى الداخل؛ بل حمل رسائل واضحة بشأن الأوضاع الإقليميّة والدوليّة. حيث تعكس دعوة جلالته، حفظه الله ورعاه، للوقف الفوريّ للحرب في غزّة واستئناف الجهود الدبلوماسيّة من أجل السلام العادل والشامل؛ على مكانة البحرين الراسخة كمنارة للاستقرار والاهتمام الإنسانيّ، والتأكيد على التزام المملكة بمبادئ التضامن العربي والعمل الجاد من أجل رفاه الإنسانية وتحقيق السلام العالمي.

.وختاماً، فإنّ خطاب جلالة الملك المعظم دليل على القوّة والحكمة والمحبّة الّتي توجّه قيادة البحرين. وهو ما يعكس التزاماً عميقاً بمستقبل البلاد، حيث الوحدة والتقدّم والسلام هي الأهمّ. إنّ رؤية جلالته للبحرين هي رؤية أمّة مزدهرة متجذّرة بعمق في تقاليدها، ولكنّها في الوقت ذاته تتطلّع إلى المستقبل، ممّا يضمن استمرار تألّق إرث القيادة والعزّة الوطنيّة للأجيال القادمة. وبينما تمضي البحرين قُدُماً إلى الأمام؛ يجب علينا جميعاً أن نستوعب هذه الرسائل الملكيّة السامية بعمق، وأن نتمسّك بهويّتنا الوطنيّة، ونحافظ على مصالح بلادنا، لتظلّ مملكتنا الغالية منارة للتقدّم والاستقرار والازدهار، بفضل حكمة وقيادة جلالة الملك المعظم.