إذا ما أردنا أن نشخص الوضع الأمني الحالي للبحرين، فإنه أفضل بمراحل مما كنا عليه في السابق، وكل عام يأتي يكون أفضل من سابقه أمنياً، وهذا أمر طيب نشيد به ونثني عليه، ونشكر القائمين على حفظ أمن الوطن على جهودهم، وعلى رأسهم وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة.
هذا التحسن في الأمن شعر به المواطن، وأصبحت الحركة على الطرقات أيضاً أفضل مما كانت بالسابق، رغم أن الأخطار مازالت قائمة، ورغم أن أموراً مازالت تحدث بين فترة وأخرى على الطرقات العامة، إلا أن التحسن ملموس، ونحن من واجبنا أن نقول كلمة حق في هذا الشأن، فالمقياس لدينا هو أمن وطننا.
محاصرة الإرهاب بالعمل الاستباقي أيضاً تطورت، وحققت نجاحات طيبة، وهذا أيضاً نشيد به، ونطالب بالمزيد من العمل الاستباقي للوصول إلى الخلايا النائمة، فالإرهاب يخمد ولكنه موجود، ويسعى إلى أن يباغتنا بين فترة وأخرى بعمليات نوعية تصيب رجال الأمن، وهذا الذي نريد القضاء عليه.
تطرقت قبل الآن في أكثر من مرة عن تحديات تواجه الدولة البحرينية آنياً، وهي تحدي الأمن، وتحدي الاقتصاد، فتحدي الأمن نحمد الله أن النجاحات تتحقق، والمشروع الانقلابي اندحر وفشل وانتكس، وكان ذلك من بعد أكبر أزمة مرت على البحرين، ويحسب لوزير الداخلية أنه تحمل كل المسؤوليات الجسام، وعبر بالبحرين من عنق الزجاجة بفضل الله سبحانه، ومن ثم بفضل قيادة وحكمة حضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله، وجهود الحكومة الموقرة ومتابعة سمو ولي العهد حفظهم الله جميعاً.
ما يحدث في بريطانيا من إجراءات ضد الإرهابيين الذين استقبلتهم بريطانيا وأعطتهم الجنسيات واللجوء، لم يكن عفوياً، فقد قام قادة البحرين بعمل جبار في هذا الاتجاه، وهذا يحسب لهم، كما أن وزير الداخلية قام مؤخراً بزيارة إلى بريطانيا وهذه الزيارة جاءت بنتائج طيبة.
كما أن زيارة الشيخ راشد للهند وتوقيع اتفاقات معها وهي دولة كبيرة ولها وزنها الاقتصادي العالمي تعتبر أمراً طيباً وتصب في محاصرة الإرهاب، وهذا العمل تشكر عليه البحرين كحكومة وكوزير داخلية.
الأمن لا يجب أن نغفل عنه، والإرهاب لم يمت، وسيبقى هذا التحدي قائماً، مادامت الخلايا النائمة موجودة ولها أماكنها وتتكاثر ويأتيها التمويل المحلي والخارجي، ومادام التدريب على التفجيرات وإعداد المتفجرات قائماً بالسفر إلى إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وهذا لم يتوقف بعد، ولم تتخذ فيه إجراءات كافية.
نشكر الجهود التي تمت، وهذا واجب علينا أن نقول كلمة حق في التحسن الأمني الذي نلمسه، ونطالب أيضاً بالحذر وبالاستعداد، ونطالب بالمزيد من العمل الاستباقي الاستخباراتي والذي حقق نجاحات طيبة فيما مضى.
التحدي الآخر الذي يجب أن تركز عليه الدولة هو تحدي تنويع الاقتصاد، وزيادة مداخيل الدولة غير النفطية، وهذا تحدٍّ كبير جداً، ويحتاج إلى جهود كبيرة في استقطاب الاستثمارات الخارجية، وإقامة البنية التحتية لهذه المشاريع، وهذا ما أعلنت عنه الحكومة الموقرة من أن هناك ميزانيات تخصص لإقامة البنية التحتية للمناطق الصناعية.
بالأمس اطلعت على حديث أحد رجال الأعمال الشباب من المملكة العربية السعودية وهو يقول فيه إن مجلس رجال الأعمال الشباب بالسعودية يبحث عن فرص استثمارية بالبحرين، وهذا خبر طيب، وأعتقد أن البحرين مقصرة في الترويج لمشاريعها في دول مجاورة مثل السعودية والكويت والإمارات وقطر، وهذا التقصير واضح رغم أن الوفرة المالية في هذه الدول قوية.
ورغم أن رجال الأعمال وسيدات الأعمال في تلك الدول يتمنون العمل في مشاريع بالبحرين، لكننا لا نقوم بالجهود اللازمة في هذا الاتجاه، فقبل التوجه إليهم يجب أن تكون الأراضي الصناعية متوفرة، والخدمات متوفرة والطرق متوفرة، وحركة عبور جسر الملك فهد سلسة وليست كما هي اليوم.
وحتى نصارح أنفسنا فإن الكثير من المستثمرين اصطدموا سابقاً حين قدموا إلى البحرين بواقع الإجراءات المعقدة والطويلة والمستفزة والتي تكلف أصحاب رؤوس الأموال، الوقت والمال وتجعلهم يشعرون بعدم جدية الدولة في تسهيل عملهم.
وهذا يجعلهم يذهبون إلى دول مجاورة، من هنا يجب أن نصحح الأوضاع في إجراءات الترخيص للمشاريع ومن بعد ذلك نتوجه إليهم من جديد حتى نمسح الصورة السابقة.
تحدي الاقتصاد وتنويع الاقتصاد والسير في مسارين متلازمين لإقامة المشاريع الكبرى، والمشاريع المتوسطة والصغيرة أعتقد أنه مطلوب اليوم ونحتاجه أكثر من أي وقت مضى مع انخفاض النفط وبقاء الإيرادات غير النفطية عند حد 397 مليون دينار، وهو ما جعل الدولة تلجأ إلى الاقتراض.