حنان الخلفان



في عالم مليء بالتنافسية والضغوط لتحقيق النجاح، نجد أن الألعاب والأمثلة الواقعية تقدّم لنا دروساً قيّمة. في بعض البلدان العربية، يمارس الأطفال لعبة الكراسي الموسيقية، حيث يتنافسون على عدد محدود من الكراسي، وتُعلّمهم هذه اللعبة أن الفائز هو من ينجح في الحصول على كرسي، بينما يخرج الخاسرون من اللعبة تدريجياً حتى يبقى طفل واحد يعلن فوزه. هذه اللعبة تزرع في الأطفال فكرة أن النجاح يتطلب إقصاء الآخرين.

وعلى النقيض من ذلك، نجد في اليابان نهجاً مختلفاً حيث يُعلّم الأطفال لعبة الكراسي الموسيقية بنفس الطريقة، لكن بدلاً من خروج الأطفال من اللعبة، يتشارك الأطفال المتبقون الكراسي بحيث يجلس اثنان على كرسي واحد إذا لزم الأمر. هذه الطريقة تغرس في الأطفال قيم التعاون والمشاركة.

النظر إلى هذين المثالين يكشف لنا الاختلافات الثقافية العميقة في فهم وتطبيق مفهوم النجاح. في اللعبة الأولى، يتعلم الطفل أن النجاح فردي ويتطلب إقصاء الآخرين، بينما في اللعبة الثانية يتعلم أن النجاح يمكن أن يكون جماعياً وأن التعاون هو السبيل لتحقيقه.

في المجتمع، نجد أمثلة مشابهة لهذه المفاهيم المتضاربة. هناك طريقان لتحقيق أهدافك؛ إما أن تحاول أن تهدم ما بناه الآخرون لتبني مكانه، أو أن تحاول أن تبني بجانب ما بنوه لتصعد سوياً. فالأنا المفرطة تؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية وتجعل الشخص غير محبوب بين الناس، بينما التعاون والمساعدة المتبادلة تبني علاقات قوية ومستدامة.

كما أن الأنانية قد تظهر في صور متعددة، منها الاحتكار والاعتماد على الآخرين لتحقيق النجاح الشخصي. فالشخص الأناني يرى العالم من منظور ضيق حيث لا يوجد سوى «أنا» والباقي مجرد أدوات لتحقيق أهدافه.

ولكن هناك فرق بين الأنانية وحب الذات. حب الذات ينطوي على رعاية الشخص لنفسه وجلب الخير لها بدون التعدي على حقوق الآخرين. في حين أن الأنانية تخلق أجواء من الفوضى والتنافر بين الأفراد.

في الوقت ذاته، نجد أن مفهوم الميزان يحمل في طياته معنى عميقاً عند النظر إلى الوزن كمعيار، سواء كان في مجال الصحة أو في الأعمال الصالحة. يقول أحدهم: «كان البدء بفحص الوزن أمراً ضرورياً، وأدى تقليل الجرامات إلى ارتياح عميق». هذا يقودنا إلى التأمل في موازين الأعمال التي تُعرض يوم القيامة، حيث لا مجال للخطأ ولا للإخفاء.

كما أن العمل الجاد والمثابرة في تقويم الذات وتطويرها يجب أن يكون شعارنا في كل جانب من جوانب الحياة، سواء في الصحة أو في الأخلاق أو في العلاقات مع الآخرين. فالبقاء على الطريق الصحيح يحتاج إلى جهد مستمر وتفانٍ لتحقيق التوازن في حياتنا وأعمالنا.

وبصراحة.. يمكننا أن نستلهم من هذه الأمثلة العملية لتطوير نهج حياتنا، بدلاً من محاولة النجاح على حساب الآخرين، يمكننا أن نتعاون ونتشارك لتحقيق أهدافنا المشتركة. فالحياة ليست لعبة كراسي موسيقية، بل هي رحلة يمكننا أن نستمتع بها معاً إذا قررنا التعاون بدلاً من التنافس الشرس. فالتوازن في الميزان هو المفتاح لتحقيق النجاح الحقيقي والمستدام.