م. صبا العصفور



كريم الأساس هو منتج تجميلي يوضع على الوجه لتوحيد لون البشرة وتغطية العيوب والتشوهات، مثل البقع الداكنة والبثور وغيرها، وأصبح استعماله اليوم شائعاً عند النساء، بعد أن كان حكراً على الفنانات والطبقة المخملية من الناس.

وتختلف وجهات النظر بشأن ذلك المنتج، ففريق يرى أنه نعمة تساعد الفتيات على إخفاء أجزاء من الوجه لا تحبذ أن يراها الآخرون فيرتفع منسوب الرضا عندهن وتزداد ثقتهن بأنفسهن، وفريقٌ آخر يرى أن ذلك يعتبر غشاً، حيث يخفي الصورة الحقيقية للمرأة غير المتصالحة مع ذاتها، ويتسبب في خداع الآخرين بمظهرها الزائف.

اتفقنا أو اختلفنا بشأنه، إلا أن وجود ذلك المنتج ضرورة حتمية لأسباب عديدة ليس الخداع أحدها، بشرط أن يستخدم على وجه نظيف لا متسخ.

وجه الإنسان هو هويته وبصمته الأولى التي تُعرّفه عالمياً، وهي صفة إيجابية يتفرّد بها كل شخص، لا تعزز فيه الأنا ولكن تميّزه عن الجميع، فيسعى كل واحد للظهور بالشكل المناسب الذي يحقق له القبول عند نفسه والآخرين، فهو بطبيعة الحال يستخدم منتجات تحسّن صورته سواء بالملابس أو قصة الشعر وحتى استخدام المكياج، ولا ضرر في ذلك مادام لا يخفي هويته الحقيقية.

فرصة إخفاء الهوية أو تجميلها متاحة للجميع؛ فاليوم حيث العالم أصبح قرية صغيرة بضغطة زر، نرى الكثير ممن يخفي هويته الحقيقية بكريمات وأقنعة زائفة، فنجد ذئاباً بصورة غزلان تخدع ضعاف النفوس فتنزلق بهم للمحاذير، وشخصيات شهيرة تبتز ذوي الحاجة للمقامرة بكل ممتلكاتها المادية والمعنوية في سبيل أرباح افتراضية، وعقارب في شكل أقارب وغيرها ممن يحيكون الدسائس.

وليس كل شكل مجمّل هو منافق بالضرورة، فهناك المُحسِن المتخفّي ليساعد المحتاج من غير بهرجة إعلامية، وهناك المستشار من خلال تطبيقات مجانية، لا يريدُ جزاءً ولا شكوراً، وهناك المراسل الإخباري يكشف الحقيقة ويعرّي الظلم، وكذلك الأم تخفي تعبها بابتسامة لتسعد أبناءها وزوجها، والأب المنهك يتصنّع البطولة والقوة ليوفر الأمان لأسرته.

كل إنسان أخلاقي في موقع المسؤولية يستخدم كريماً تجميلياً لممارسة دوره بإتقان، ولا يخشى إن غُسِلَ بالماء فتظهر الندوب التي تركها الزمان على وجهه، بينما المنافق في ذات الموقع يرتعب من الغسيل حيث تظهر القذارة التي لم يزلها قبل التجميل أو التزييف.