مقابلة المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر مع الصحافي البريطاني تيم سابستيان على محطة دويتشه فيله الألمانية يطبق عليها المثل الذي يقول «يطز عينه بإيده» و»جاب العيد»!

كان واضحاً طيلة المقابلة وأمام عدم ثبات الخاطر وكثرة إيماءاتها وحركاتها واهتزاز رأسها وابتساماتها التي بلا معنى مقابل طرح عليها أسئلة جادة وواقعية عن الإرهاب وتورط قطر في دعم الإرهاب، أن أسئلة المذيع للخاطر لم تكن كما في الخاطر!

لقد كشفت المقابلة ملامح السياسة القطرية القائمة على التضليل والمراوغة والتناقض! وتمكنت لولوة الخاطر وبجدارة من سحب البساط من وزير خارجية قطر المشهور بتناقضاته المتعثر دائماً بتصريحاته، لكن المفاجئة التي كانت فاجعة اعتراف لولوة الخاطر وبصريح العبارة بأن النظام القطري مخالف لدستور قطر ومتجاوز إلى جانب تجاوزاته للمواثيق الدولية، حيث عندما سألها المذيع بسؤال مفاده أن قطر ومنذ أوائل الألفيات من القرن الماضي قدمت العديد من الوعود لإضفاء الطابع الديمقراطي، فلماذا توقفت العملية؟ دستور 2000 في قطر ينص على أن 30 من أصل 45 من أعضاء المجلس الاستشاري للأمير سيدخلون بالانتخابات كل أربع سنوات، ومضت 16 سنة من ذلك الدستور ولم تحدث الانتخابات التي تم اقتراحها مراراً وتكراراً، لماذا؟ فأجابت بانفعال: الجواب واضح ومباشر، للأسف إن بعض جيراننا لم يكونوا سعداء بذلك! فقاطعها، منذ متى وأنتم تهتمون بما يفكر فيه جيرانكم؟ «بكلمات أخرى عجزنا نفهم الحين إنتو ما يهمكم جيرانكم ولا يهمونكم؟»، فأجابت، حسناً سنفعل ذلك الآن!! «يبدو إنهم كانوا بحاجة لمن يذكرهم بمشروعهم الديمقراطي حتى يفعلوا» لتكمل: وأدركنا أنه بعد عامين من «المقاطعة»! وهنا كانت الطامة الأكبر، حيث إلى جانب تناقضها مع تصريحات وزير خارجية قطر أن قطر دولة لها سيادة وترفض التدخل في شؤون سياستها وأن قطر فرض عليها «حصار»، أقرت الخاطر وبكل صراحة بأن قطر متجاوزة فعلاً حتى لنظامها نفسه والدستور القطري، وأن الأزمة القطرية عنوانها مقاطعة قطر بدلاً من كلمة «حصار» التي يرددها الإعلام القطري والإيراني دائماً!

لولوة الخاطر حاولت التذاكي مع مذيع مخضرم فطين، حيث «حكرها في الزاوية كما يقال» بالأسئلة، التي كلما حاولت التملص والهروب منها لأخذ الحديث إلى دفة المقاطعة لقطر عاد بها ليطرح أمامها حقائق أخرى أكثر دقة، وكان طيلة المقابلة يذكرها بأنه يطرح حقائق أمامها وعليها الرد كونها متحدثة باسم خارجية قطر بدلاً من ذكر تعليقات دول أخرى بشأن إجراءات قطر التي هي بالنهاية حبر على ورق وبعيدة عن التطبيق، حيث قال لها: أنتِ تتعاملين مع التعليقات وأنا أتعامل مع الحقائق!

ما كان لافتاً خلال المقابلة تكرار الخاطر لكلمة المقاطعة التي لم يعترف بها الإعلام القطري الرسمي يوماً في أكثر من إجابة على أسئلة المذيع، وفي العديد من الأجوبة كان السؤال في اليمين والإجابة في اليسار، فهنا المتلقي ضاع أصلاً، فوزير خارجية قطر وإعلامهم الرسمي يقولون ما حدث «حصار» وليس مقاطعة، فيما هي تقول مقاطعة!!

حاولت الخاطر، بغباء اعتقدته ذكاء منها، خلط بعض الإجابات بمظلومية المقاطعة أملاً في الإفلات من الإقرار بتورط قطر في تمويل الإرهاب ودعم جماعاته، رغم أن العديد من الأسئلة التي وجهها لها المذيع كانت تتعلق بقضايا ومواضيع ما قبل مرحلة المقاطعة، كما أن بعض الأسئلة ليس لها علاقة بالمرة بعلاقات قطر الدبلوماسية والخارجية وأزمة المقاطعة كونها تتعلق بسياسة قطر وإجراءاتها الداخلية والأمنية مع الإرهابيين القطريين، ففي أحد الأسئلة قال لها: وضعت قطر 28 شخصاً وكياناً على قائمة الإرهاب التي شملت العديد من المواطنين القطريين، وكان بعض هؤلاء الأشخاص مدرجين في القائمة العربية لدول المقاطعة من قبل، لماذا تأخرت حكومتكم في وضعهم على قوائم الإرهاب؟

فأجابت: هذا ليس دقيقاً للغاية، وكانت فكرة وجود قوائم مخصصة جديدة تماماً، والواقع أن القطريين الذين كانوا على القائمة، لأكون دقيقة للغاية، كانوا محددين وتحت المراقبة لأنهم كانوا ضمن قائمة مجلس الأمن، وقد تم تطبيق جميع التدابير عليها بالفعل قبل سنوات ووضعهم على القوائم العربية، فقاطعها لكن عندما أدرجتهم الدول العربية في القائمة قلتم إن التهم لا أساس لها، فردت: لا هذا غير دقيق، فلنضع الأمور في سياقها، في الخامس من يونيو 2017 بالتحديد قررت أربع دول عربية مقاطعة قطر! فقاطعها: نفهم ذلك، أتكلم تحديداً حول 28 شخصاً وكياناً؟ فأجابت باندفاع يفتقر إلى التعقل: حتى نضع الأمور في سياقها مرة أخرى عندما فعلوا ذلك وقاطعوا بلدنا، عندما طردوا شعبنا من بلادهم ومنعوهم من الوصول إلى مكة والمدينة «شدخل؟»، فقاطعها مرة أخرى، أفهم ذلك، إنني لا أريد أن نسترجع التاريخ، فأكملت: ما فعلوه هو أنهم أرادوا أن يكون لديهم عذر، لذا فقد قدموا الكثير من الاتهامات حول الإرهاب، وقلنا إن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة وهذا كان موقفنا!!!

لا ندري هنا، وقد احترنا كما احتار المذيع معها في هذه الدوامة المتناقضة من الإجابة، هل معنى كلامها أن الاتهامات حول القطريين الموجودين في القائمة كفكرة لإيجاد قوائم مخصصة جديدة في قطر كما وصفتها الخاطر هم تحت المراقبة؟ أو أن الاتهامات بشأنهم لا أساس لها من الصحة ؟ فهي تعترف بإرهابهم في الجزء الأول من إجابتها لدرجة أنها تذكر أنهم تحت المراقبة وفي القائمة الجديدة، ثم تعود وتنكر وتقول إن اتهامهم بعد المقاطعة جاء في سياق العديد من الأعذار والاتهامات لمقاطعة قطر التي لا أساس لها من الصحة! «عز الله فلحنا».

أمام تقديم المذيع للعديد من الحقائق التي تثبت عدم التزام قطر بالمواثيق الدولية في مكافحة تمويل الإرهاب وعدم دعم الخلايا الإرهابية، كانت إجابات الخاطر لا تتعدى الإجابات الإنشائية من شاكلة قطر وقعت مذكرة تفاهم.. قطر وقعت بشأن تشريع ضد الإرهاب، والمضحك أنها لم تستطع أن تركز بالرد في إجاباتها على بلدها، بل عادت لتقول إن مذكرة التفاهم الموقعة بين قطر والولايات المتحدة أقرت فيها الخارجية الأمريكية وأنها تضعها في مقدمة الدول المجاورة بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات! «بالها مشغول مع هاتين الدولتين كما يفعل إعلامهم القطري المسيس!».

نبه المذيع الخاطر أمام مراوغتها عند تقديم حقائق لها عن دعم قطر للإرهاب، بأن قطر قد وقعت مذكرة تفاهم مع أمريكا: «يمكنكم أن توقعوا دائماً على أوراق لولوة، لكنكم لم تنفذوا منها شيء أي بلا معنى!»، في موقف يذكرنا بإخلال قطر لاتفاقية الرياض ومنظومة دول مجلس التعاون الخليجي.

على كل.. الخاطر في إجاباتها المتناقضة أكدت لنا أنه لا يوجد جديد بخصوص سياسة قطر المتقلبة، فهي تذكرنا بمنهجية نظام بلدها قطر القائمة على التناقض والمراوغة وعدم الإقرار بالذنب، والمثل الشعبي الذي يقول «هذا سيفووه وهذي خلاجينه!».