زين اليافعي

تختلف وجهات النظر الدينية والطب النفسي في مفهوم وحقيقة العين والحسد، ولكن الظاهرة اتسعت في الآونة الأخيرة بسبب نشر الأشخاص كل تفاصيل حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بما يمس خصوصية الأسر وينتهك حرمات البيوت.

وأوضح رجال دين الفرق بين العين والحسد، أن العين أقوى من الحسد، الذي حرمه الدين الحنيف ونبذته كل الأديان السماوية، بينما أكد الطبيب النفسي بأن قضية الحسد وهم الفاشلين واختلف مع الرأي الديني حول تفسير الحسد وماذا يعني.



وأكد استشاري الطب النفسي الدكتور حميد أحمد عبدالله أن هناك نظرة خاطئة للحسد وهي أن الناس تظن أن الحاسد لديه قوة كبيرة ومطلقة ويستطيع التحكم قي مصير الآخرين وهذا الشيء غير موجود على الإطلاق لأن المتحكم في مصير الخلق هو الله عز وجل فالحسد يقصد به أن لا تحسد الآخرين وتكون جالساً فقط بل المقصد أن نقول للإنسان قم واعمل مثل الآخرين.

وأضاف د.حميد إن الحسد موجود كسلوك بين الناس، وهو سلوك خاطئ، فبعض الحوادث تحدث بالصدفة ولكن السلوك والتفكير الخاطئ يجعلها مرتبطة بالحسد ومن وجهة نظري، لا يمكن لحسد أن يتحكم في الآخرين وفي مصيرهم أو قد يخرب بيوت وما إلى ذلك.

يقول الدكتور حميد إن المشكلة التي يعاني منها أكثر الأمراض نفسياً هي رمي التهم على الآخرين نتيجة فشل أو مصيبة، هذا الخطأ هو خطأ الإنسان نفسه وكل إنسان مسؤول عن نفسه ولكن يتوهم بالحسد لكي يخفف الضغط عن نفسه وعن الصدمة التي وهي جيدة في البداية ليخفف من حالة الانهيار التي يعيشها الإنسان نتيجة الحدث أو المصيبة ولكن مع مرور الوقت يجب على الشخص أن يقر بالواقع الذي يأتي في الحقيقة نتيجة فشل "عدم تخطيط تنفيذ وإدارة".

أما الأخصائية النفسية الدكتورة إيمان عبدالله المغرغر فتقول إن الحسد موجود وقد ذكر في القرآن الكريم والسيرة النبوية، من ناحية الحسد كمرض وأيضاً العلاج، والحسد موجود منذ بدء الخليقة عندما وقعت أول جريمة على وجه الأرض حينما قتل قابيل أخوه هابيل.

ولكن هناك من يعيش ثقافة خزعبلات يتركون الوقاية والعلاج المذكورة في القرآن الكريم ويقومون بالخوف من الحسد أكثر من التوكل على الله وهو خير الحافظين مما أدى إلى نشأة ثقافة رعب وفزع من هذا الجانب عند البعض إلى درجة أن البعض عندما يقوم بالتصوير مع العائلة يقوم بإخفاء شكل الوجه خوفاً من الحسد لوجود فكرة خاطئة عندهم.

وعن تجربتها مع الحسد تقول بتول العصفور عندما "في الصف الثاني الإعدادي كنت مسافرة إلى إحدى الدول ولكن مع عودتي إلى البحرين بدأ وجهي يتغير ويتقلب كل يوم أكثر من الثاني ليبدأ بالاحمرار وتظهر عليه حبوب غريبة ليصبح وجهي شكله محترق حرفياً وعلى الفور ذهبت إلى أحد الأطباء المشهورين في البحرين المختصين في الجلديات ليعطيني بعض الأدوية ولكن للأسف هذه الأدوية كانت تتغير كل فترة لعدم نفعها بل إن حالتي كان تزداد سوءاً مما أثر على نفسيتي وعلى المستوى الدراسي وحالة التنمر التي كنت أعاني منها بسبب شكل وجهي نتيجة المرض الغريب".

وكانت جدتي دائماً ما تقول لامي "هذي عين.. هذي عين" لكن أمي لم تكن مقتنعة بهذا الكلام ولكن مع مرور الأيام اقتنعت أمي وتواصلت مع شيخ يقرأ القرآن الكريم على الأمراض الذي يعانون من العين والحسد وأعطاني بعض الوصفات منها ماء زمزم مع قراءة بعض الآيات القرانية والحمد لله بعد فترة قصيرة بدأ وجهي يعود إلى حالته الطبيعية بعد أيام عصيبة عشتها بسبب كلام الناس السيئ عني بسبب بشاعة وجهي نتيجة هذا المرض".

أما هاجر خالد فقالت إن مشكلة الحسد أصابها عندما كانت في الصوف الدراسية حيث إنها كانت متفوقة وخصوصاً في مادة الرياضيات حيث كنت دائماً ما أتفاعل مع المعلمات ولكن مع مرور الأيام بدأت عندي مشكلة في وقت بدء حصة الرياضيات حيث تبدأ عندي أعراض التعب والدوخة وأحياناً تصل إلى الإغماء ليذهبوا بي إلى الممرضة والتي كانت تقول نقص في الضغط وتعطيني بعض النصائح منها الأكل الجيد ومع مرور الأيام بدأت حالتي تسوء إلى درجة عدم مقدرتي على قراءة القرآن وسماع الأذان أو أنني أسمع وأبدأ بالبكاء.

وفي أحد الأيام كنت في البيت وطحت "وتم أخذي إلى المستشفى وأجريت بعض الفحوصات والتحاليل لتظهر أنه لا يوجد لدي أي مشكلة صحية فقط نقص في بعض الفيتامينات وهي شيء طبيعي حسب كلام الدكتور ولا يتسبب إلى الحالة التي تجعلني أدوخ وأسقط".

ومع الأيام تحدثت أمي مع معلمتي في تحفيظ القرآن الكريم عن المشكلة التي أعاني منها فقالت لها إن ابنتك قد لا تحتاج إلى علاج طبي ولكن تحتاج إلى شيخ دين يقرأ عليها، وبالفعل ذهبت مع أمي إلى أحد الشيوخ ليبدأ يقرأ علي بعض الآيات لأبدأ في التأثر والبكاء وأخبرنا الشيخ أنه قد يكون حسداً ولابد من استمرار القراءة وبالفعل عدنا إليه في أكثر من جلسة ليحدد لي برنامج أواصل عليه من آيات وأذكار وبعض السور.

كانت في البداية صعبة علي ولكن مع مرور الأيام ومواصلة قراءة القرآن والصلاة.. الحمد لله تشافيت تماماً من هذا المرض.

ويقول المواطن عثمان السعيدي إن الحسد هو مرض في القلب وسببه الشيطان هذه الآفة، فنجدها منتشرة في كل المجتمعات، وتلقي بظلالها القاتمة على العلاقات بين الناس، وتفضي بهم إلى العديد من المشاكل التي لا يحمد عقباها على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات.