تطرقنا في الجزء الأول من مقالنا السابق إلى أزمة البحث العلمي في الجامعات العربية وإجابة على السؤال الذي أنهينا به المقال نقول إن المعوق الأساسي للبحث العلمي في الجامعات العربية هو الافتقاد إلى الرؤية المستقبلية والشاملة للبحث العلمي فالباحث لابد أن يكون ملماً بأهداف المجتمع المستقبلية فهو لا يعيش في برج عاجٍ كما كان فلاسفة اليونان القدماء يفعلون وإذا كان الباحث يكتب لمجرد أن يقال عنه أنه باحث فهو لن يحقق في مجال مقاصد البحث العلمي ما يريد.

كذلك من أهم معوقات البحث العلمي في الجامعات العربية هو ضعف التمويل رغم أن البحوث العلمية وهي التي تثرينا بالمعرفة وهي أساس اقتصاد العصر الذي سمي باقتصاد المعرفة لذا يجب أن يدرك المسؤولون بدورهم في الجامعات ومراكز البحوث العلمية هذه الحقيقة كون البحث العلمي هو من أهم أدوار الجامعات ويحتاج إلى رصد ميزانية توفي بمتطلباته والإحصائيات في الدول العربية تشير إلى أن ما تنفقه الجامعات ليس بذاك المستوى المطلوب.

وأهم من كل ذلك في الدول المتقدمة، ينفق القطـاع الخـاص ضـعف إنفـاق القطـاع العـام على البحث العلمي، فـي كـل مـــــن فرنـــــسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحـــــدة، علـــــى البحـــــث والتطوير (30%) فـــي الولايات المتحـــدة و(20%) فـــي اليابان بينما الحالـــة تكـــون معكوســـة فـــي الـــدول العربية حیث لم يتجاوز إسهام القطاع الخاص معدل (5%) من إجمـالي الإنفـاق علـى البحـث والتطوير فـي عام 2002.

إن المجتمعات العربية ما زالت غير قادرة على التعاطي مع إنتاج المعرفة على الوجه الكافي واللازم رغم مقوماتها المادية، ومن أجل ذلك، فإن الدول العربية، ممثلة بوزارات التعليم العالي ومؤسساتها التعليمية، مطالبة اليوم بإعادة هيكلة البحث العلمي، بهدف رسم سياسات وطنية للبحث والتطوير، واتخاذ قرارات جريئة تجعل البحث العلمي فاعلاً في مختلف جوانب الحياة. حيث يعد البحث العلمي أحد الركائز الأساسية في عمل الجامعات لتحقيق أهدافها؛ وتستند عليه العملية التعليمية في مجالات التدريس، كما يعد أحد المؤشرات الأساسية الدالة على رقي الجامعات عند التنافس فيما بينها بما يقوم به وأساتذة الجامعة ومراكزها البحثية من نتاج علمي؛ ولأجل ذلك اعتمدت الجامعات مختلف الاستراتيجيات في تشجيع الأساتذة على التأليف والنشر العلمي بكل أشكاله وفي مختلف تخصصاته.

ومن معوقات تطور البحث العلمي في الدول العربية افتقاد بعض الباحثين للأمانة العلمية التي هي من صميم جودة البحث العلمي لذا من الضروري أن يتحلى الباحث العلمي بالحس الإنساني.

أما بالنسبة إلى الأمانة العلمية بمفهومها الشامل في البحث العلمي لابد أن يلتزم الباحث بالأمانة في نقل المعلومات وأن يوثقها في كتابة المراجع من منطلق أن الأمانة العلمية تعكس أخلاقيات الباحث كأستاذ جامعي وقدوة لطلابه فإن ذلك يستلزم من الجامعات أو المجلات العلمية المحكمة، أن تشعر كل من يتعامل معها بأهمية التحلي بجميع أخلاقيات البحث العلمي.