معارك عنيفة وموجة نزوح واسعة، مشهد تكرر كثيرًا في مدن السودان التي شهدت قتالا بين الجيش وقوات الدعم السريع، ليحط رحاله مؤخرًا في مدينة سنار.

فالمدينة الواقعة جنوب شرقي البلاد والتي تعرف بـ«السلطنة الزرقاء»، شهدت الخميس، اشتباكات «عنيفة» بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، «أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، وتشريد الآلاف من المنطقة»، بحسب مصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية».

وتقول المصادر العسكرية، إن قوات الدعم السريع «هاجمت العاصمة سنار من عدة محاور في محاولة للسيطرة على آخر المدن في ولاية سنار»، مشيرة إلى أن المواجهات استخدمت فيها «الأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة من الجانبين».

وتصاعدت العمليات العسكرية في ولاية سنار منذ 24 يونيو/حزيران الماضي، عندما «هاجمت قوات الدعم السريع، مواقع الجيش السوداني في مناطق جبل موية، وسيطرت على الموقع الاستراتيجي الرابط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض».

وفي 29 من الشهر نفسه، توغلت «الدعم السريع» لعمق أكثر من 60 كيلومترا عبر الطرق الترابية الوعرة لتسيطر على مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، كما «سيطرت على قيادة الفرقة 17 مشاة، ورئاسة الجيش بمدينة سنجة، ما أتاح للقوات التمدد شرقا وغربا وجنوبا لتسيطر على مدن الدندر والسوكي وأبو حجار وود النيل ومناطق الدالي والمزموم»، بحسب المصادر نفسها.

وقال ناشطون في الولاية إن اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الجزء الغربي والجنوبي بمدينة سنار، «تسبب في موجات نزوح جديدة لسكان قرى النورانية، البير، جودة، العزازة خرصان، إلى جانب نزوح سكان منطقة مايرنو».

لكن ماذا قال طرفا الحرب عن تلك التطورات؟
في بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، أعلن الجيش السوداني، «دحر وتدمير عدة محاولات فاشلة شنتها قوات الدعم السريع، للهجوم على مدينة سنار»، مشيرًا إلى أن «قوات الدعم السريع، تكبدت خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات»، بحسب البيان.

كما أعلن «استلام الجيش السوداني عددا كبيرا من العربات القتالية وناقلات الجنود المدرعة، في محور مدينة المناقل غربي ولاية الجزيرة بمنطقتي ود الحسين وبورتبيل».

في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع، «اقتحام عناصرها الدفاعات المتقدمة للجيش السوداني في محاور مدينة سنار، مما أسفر عن استلام عربات قتالية وأسلحة ثقيلة، والاقتراب من عمق المدينة»، بحسب البيان.

إجراءات أمنية
ومع اتساع دائرة المعارك، أصدر والي (حاكم) ولاية النيل الأبيض (جنوب)، عمر الخليفة عبد الله، الخميس، قرارا بمصادرة سيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية المملوكة للمواطنين، وأمهل المالكين 24 ساعة فقط لتسليمها.

تأتي قرارات الوالي الجديدة، بعد يوم واحد من إعلانه حظر استخدام المواعين النهرية، التي تشمل المراكب والعبارات النيلية في الولاية، ضمن إجراءات أمنية تهدف لمنع تمدد قوات "الدعم السريع".

وتحاصر قوات «الدعم السريع» ولاية النيل الأبيض من 4 اتجاهات: القطينة من الاتجاه الشمالي، علاوة على أم روابة بولاية شمال كردفان، وجبل موية بولاية سنار، والعلقة في حدود ولاية الخرطوم الغربية.

وقال مرسوم أصدره والي النيل الأبيض المكلف، إنه «أصدر قرارا بالرقم 6 بموجب أمر الطوارئ، بالحجز والاستيلاء على مركبات الدفع الرباعي الملاكي والدراجات النارية بالولاية».

ونص القرار -كذلك- على تشكيل لجنة لحصر المركبات برئاسة وزير المالية والقوى العاملة، ومدير إدارة مكافحة التهريب نائبًا، وعضوية شرطة المرور، وجهاز المخابرات العامة، وغيرها من الإدارات.

ومنح الوالي اللجنة اختصاص تنفيذ أمر الحجز على مركبات الدفع الرباعي والدراجات النارية، علاوة على حصرها وتصنيفها والتأكد من صلاحيتها وتقييمها، مطالبًا أي شخص يمتلك مركبة ذات دفع رباعي أو دراجة نارية بإحضارها خلال 24 ساعة، على أن تتم مصادرة أي مركبة لم يسلمها مالكها.

إبعاد الأجانب
ومع تصاعد وتيرة المعارك، منحت سلطات ولاية الخرطوم، الخميس، الأجانب، أسبوعين لمغادرة الولاية التي تشهد مواجهات شبه يومية منذ اندلاع الحرب.

وأمهل مدير إدارة الأجانب والضبط الهجري بولاية الخرطوم العقيد شرطة نزار خليل، في قرار اطلعت عليه «العين الإخبارية»، كافة الأجانب «15 يومًا لمغادرة ولاية الخرطوم حفاظا على أرواحهم خلال فترة الحرب».

وأشار إلى أن القرار اتخذ بناءً على توجيهات لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم.

ويسيطر الجيش السوداني على محلية «كرري» وبعض أحياء أم درمان القديمة، فيما تخضع بقية مناطق أم درمان والخرطوم وبحري تحت سيطرة قوات «الدعم السريع»، عدا مقار وقواعد القوات المسلحة العسكرية.

وكان السودان، قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، يؤوي ما يزيد عن مليون لاجئ، معظمهم يقيمون داخل المدن. كما أن البلاد تُعد معبرًا للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من دول غرب أفريقيا.