مريم بوجيري

تحمل المسؤولية منذ نعومة أظفاره بعد وفاة والده، وحمل على عاتقه واجبات الأسرة والعمل عندما كان طفلاً، فكبر وصقلت شخصيته وأصبح يمتلك إحدى أهم الشركات التجارية في المملكة، هو درويش أحمد المناعي عضو مجلس الشورى ورجل الأعمال المنتمي لعائلة عريقة تحالفت مع آل خليفة في مواجهة الغزاة الطامعين بخيرات البلاد.

"الوطن" جالت بالذاكرة في محطات مهمة من مسيرة المناعي تناولت أبرز تفاصيل الطفولة والأسرة والدراسة، فكان لنا هذا اللقاء:



- من هو درويش المناعي؟

درويش أحمد عبدالله المناعي أنتمي إلى عائلة محافظة وعريقة حيث الجد الكبير سالم بن درويش آل عجمي المناعي رئيس القبيلة وهي إحدى القبائل البحرينية المتحالفة مع آل خليفة في مواجهة الغزاة الطامعين في خيرات البلاد، والتي استقرت في قلالي قبل عام 1783م، وذلك بناءً على تقريرالميجركولبورك البريطاني والمؤرخ في 1820، كما أن العائلة امتهنت تجارة اللؤلؤ منذ عام 1824 م، رجل أعمال وعضو مجلس الشورى، شخص متواضع ومحب لاستغلال الوقت والنظام والتخطيط والعمل بكل جد ومثابرة للوصول إلى أهدافي وتعلمت ذلك بعد وفاة والدي.

- حدثنا عن أبرز المحطات من الذاكرة في مرحلة الطفولة؟

كنت في السابعة من عمري، عندما توفي والدي رحمه الله، ورغم أني كنت بحاجة لمن يقوم بتربيتي ويعطف علي، وجدت نفسي مسؤولاً عن أسرتي لأني الابن الأكبر، وعلي كثير من الواجبات للقيام بها في بداية رحلة حياتي وكذلك في إدارة الأمور العقارية والمالية التي تركها والدي رحمه الله وتنظيم شؤون الأسرة، لم يكن الامر سهلاً علي، ولكن بعون الله ثم والدتي، التي كانت الأم الحنون والأب المراقب في الوقت نفسه ما ساعدني على الاستمرار في المساهمة بتنشئة إخوتي والدراسة والتفوق فيها، وعندما كان عمري 12 ربيعاً كنت أكتب عقود الإيجار، وأتابع تحصيل الإيجارات، وأحرر عقود المقاولات بما فيها الإشراف على بناء وتعمير وتطوير عقارات الأسرة، ما أكسبني خبرة جعلتني أحب الهندسة وخصوصاً في الأعمال المدنية.

- من هي الأسره في حياة درويش المناعي؟

أسرتي هي الرسالة الأهم في حياتي، لديَّ ثلاثة أولاد، وهم المهندس فواز والدكتور بدر والمهندس أحمد، والبنت مها اختصاصية العلاج النفسي. الجميع بالصدفة أنهوا تعليمهم الجامعي في الجامعة نفسها التي درست سابقا فيها التخصص العالي بفارق 25 سنة، وركزت على توفير أفضل الرعاية والتعليم لهم إلى درجة أني كنت أتابع تقدمهم العلمي باستمرار رغم انشغالي بأعمالي ومشاريعي.

- حدثنا عن المرحلة الدراسية والسفر للدراسة بالخارج؟

بعد إنهاء المرحلة الثانوية القسم التجاري سافرت إلى جمهورية مصر العربية ودرست العلوم الإدارية هناك بين الإسكندرية والقاهرة، أحببت مصر لبساطة وحيوية الشعب لكن بعد نكسة 1967 عدت إلى البحرين ومن ثم واصلت الدراسة في المملكة المتحدة وهناك اضطررت إلى دراسة المستوى الثانوي البريطاني لكي أتمم إجادة اللغة الإنجليزية والتأهل للدراسات العليا الجامعية ومن ثم الدراسات المتقدمة، حيث استقررت في عدة مقاطعات، منها وسط إنجلترا وبعدها ويلز وآخر المطاف شمال إنجلترا (سلفورد)، تنقلاتي هذه سمحت لي بالتعرف على شعوب هذه المقاطعات حيث وجدت هناك اختلاف في العادات والثقافات بين هذه المقاطعات، وفي العطل كنت أقضيها في السفر إلى أغلب البلدان الأوروبية، حيث أهوى زيارة المتاحف والاطلاع على ثقافات الشعوب والتردد على المسارح الفنية.

- ما هي أبرز محطات العمل والانشغال بالتجارة؟

أثناء فترة انتهاء الانتداب البريطاني من البحرين كانت البحرين محتاجة لأبنائها لمساندة القيادة في إدارة شؤون البلاد، لذلك فضلت المشاركة في بناء نهضة بلادي، حيث عملت في وزارة التنمية والخدمات الهندسية بوظيفة مساعد مراقب الميزانية، وبعد سنة واحدة أصبحت مراقب الميزانية واستلمت الدائرة، وبعدها عُينت أول رئيس محاسبين بحريني في إدارة الكهرباء والماء، وقد كانت مراسلات الحكومة باللغة الانجليزية.

كما كنت مسؤولاً عن اعداد ميزانية الدولة بما فيها مشاريع البنية التحتية والصناعية للدولة بمشاركة الجهات المختصة، لذلك وجدت أن أغلب المشاريع تستغرق سنتين وأكثر، لذلك اقترحت أن تكون دورة الميزانية سنتين بدلاً من المتعارف عليه سنة واحدة، وبالفعل تمت الموافقة على المقترح، حينها كانت كلية الخليج الصناعية (الآن جامعة البحرين) في بداية مشوارها، اتصلت بإدارة الكلية من أجل إمكان رفع مستوى كفاءة موظفي إدارة الموازنة وخصوصاً مادة المحاسبة والاقتصاد وبناءً عليه أقترح على رئيس الكلية أن يُنشئ صفاً مسائياً لتدريس مادتي المحاسبة والاقتصاد، وأن ينضم طلاباً من الكلية، إضافة إلى موظفين من دائرتي، وافقت على الاقتراح وشرعت في إعداد المواضيع التي سأقوم بتدرسيها، أربع ساعات أسبوعياً لمدة سنة، وتُعد من مواد الدبلوما الوطنية.

- ما أبرز الإنجازات التي قمت بها في مرحلة عملك؟

أدخلت أول مرة نظام استهلاك الكهرباء والمياه ورسوم البلدية (بدلاً من أصدار 3 قوائم لكل عقار) في قوائم شهرية تُطبع إلكترونياً، هذا الأسلوب وفر كثيراً من النفقات والوقت في التوزيع، وأنا فخور بذلك، كما كنت عضواً في كثير من اللجان الحكومية آنذاك، وأتذكر أني كنت عضواً في اللجنة المسند إليها وضع قانون ولوائح الخدمة المدنية، كذلك كنت عضواً في اللجنة المسند إليها مهمة تأسيس النقل العام، حينها لأن مناطق السكن في البحرين متفرقة، واقترحت أن تكون الحافلات ذات الحجم المتوسط مريحة ومكيفة من أجل أن تستقطب المواطنين، لكن مع الأسف في النهاية تمت الموافقة على استيراد سيارات كبيرة الحجم غير مريحة وغير مكيفة ما سبب عزوف كثير من المواطنين عن استعمالها وخصوصاً في فترة الصيف، والآن بعد مرور 45 عاماً، تم تنفيذ اقتراحي بوجود سيارات أوروبية مريحة ومكيفة.

- أبرز محطات الانشغال بالعمل الحر؟

في سنة 1976م أسست شركة المناعي للتجارة والاستثمار، في ذلك الحين كانت الإجراءات الحكومية بسيطة تلتها فترة الانفتاح الاقتصادي في المنطقة، حيث انتعشت أسعار النفط، وبالتالي أصبحت هناك وفرة مالية لدى دول المنطقة ما أدى إلى ازدياد مشاريع البنية التحتية، كذلك كنت أول رجل أعمال أدخل تزويد وتركيب البولينغ في البحرين، حيث زودت نادي الضباط بجزيرة النبيه صالح ونادي المحرق الرياضي بمستلزمات البولينغ ومن ثم أنشأت مصنعاً لنجارة الألمنيوم، حيث كان أحدث مصنع آنذاك ومن ثم أدخلت إنتاج وحدات زجاجية عازلة بخط إنتاج ألماني، وإلى يومنا هذا المصنع ينتج بجودة عالية. وساهم المصنع في كثير من المشاريع العامة والخاصة على سبيل المثال أعمال الألمنيوم والزجاج لبرج الفورمولا وان، ودرة البحرين، وأغلب المباني في المنطقة الدبلوماسية والسيف، ونفذنا أعمالاً أخرى داخل المملكة وخارجها.

بعدها أسست مصنعاً ثالثاً باسم "المناعي لتشكيل المعادن" وبعد فترة وجيزة تطور أسلوب البناء فدعت الحاجة إلى أعمال "الإستنلس ستيل" المعدن المقاوم للصدأ، فأدخلت هذا الإنتاج في إنشاء مصنع آخر. إلى جانب تأسيس شركة "خدمات ردماك"، للتخلص من النفايات السائلة والصلبة، إضافة إلى أعمال الصيانة النفطية والمنشآت الميكانيكية، كما قمت بإنشاء شركة سمسرة مالية، وكانت من إحدى الشركات، وتقديراً لهذه الإنجازات من خلال مسيرة عملي الحر حصلت على العديد من شهادات التقدير محلياً وعالمياً.

- حدثنا حول فكرة تأسيس مؤسسة جمعية درويش المناعي الخيرية؟

الحمد لله قمت بتأسيس مؤسسة درويش المناعي الخيرية بموجب ترخيص من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بعدما من الله علي به من خير، فوجب علي مشاركة المجتمع وأشعر أنني أحب عمل الخير وأستمتع به ويمنحني شعوراً بالرضا، فلذلك تم في 2019م تنظيم أعمالنا وأنشطتنا الخيرية في تأسيس المؤسسة، وقد تم تخصيص ريع مبنى عائد ملكيته لنا، فهذا المبنى حديث ومكون من محلات ومكاتب يقع في منطقة إستراتيجية بالعاصمة المنامة، وذلك من أجل استمرارية تمويل المؤسسة مع مثيلاتها التي سبقتها في أعمال خيرية عديدة.

- ذكرياتك أيام الطفولة والصبا خلال شهر رمضان المبارك؟

كانت أيام جميلة، حيث الأهل يستعدون لهذا الشهر الفضيل بإحضار رجال ذوي بنية قوية لدق الحب في ساحة البيت العود الذي كان يضم أسرتنا المركبة، وأتذكر أننا نستمع لأهازيجهم التي تعظم شهر رمضان المبارك، وهم يواصلون هرس الحب في مناحيز خشبية كبيرة، ولياليه العامرة باللعب في الفرجان وزيارات الأهل والأصدقاء، وقبل منتصف الشهر نستعد بتجهيز أكياس مُخيطه من القماش لوضع القرقاعون، حيث في منتصفه نحن أطفال فريج القمره في المحرق نتنافس أينا أكثر كمية من القرقاعون "المكسرات والحلوى" حصل عليها وذلك بعد زيارات مكوكية لمنازل الفريج، ومن ثم في الأسبوع الأخير منه نستعد مع الأهل في تجهيز ملابس العيد من القدم إلى الرأس، الآن قرية التراث تذكرنا بتلك الأيام، أيام الصبا الجميلة.

- أبرز الأنشطة التي تقوم بها خلال الشهر الفضيل؟

طبعاً الآن أقضي رمضان تعبداً لله، حيث أقضي أكثر الأوقات في المسجد للاستفادة من الأحاديث الدينية مع تأدية الصلوات وبعد العشاء زيارات الأهل أو تبادل زيارات المجالس طيلة الشهر الفضيل، وأحب أداء شعيرة العمرة في هذا الشهر لأن لها قيمة عظيمة.

- ما أبرز الهوايات والاهتمامات؟

هوايتي حب السفر للسياحة أو العمل، حيث أكتسب كثيراً من المعلومات والفوائد، أغلب أسفاري السياحية مع أسرتي وزرت كثيراً من دول العالم في جميع القارات، كنت أركز في زياراتي على زيارة المتاحف بجميع أنواعها والقصور والآثار والأماكن ذات الطبيعة الخلابة بحسب المتوافر في البلد التي أزورها بالإضافة إلى شغفي بالقراءة، وخصوصاً الكتب والمجلات العلمية ذات الطابع الاقتصادي والمالي وأحب الاستماع للموسيقى الكلاسيكية العربية والأجنبية، لذلك أستمع إلى السيدة أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وأصالة.